يبدأ أكثر من مليوني من الحجاج، اليوم (الجمعة)، الموافق للثامن من ذي الحجة (يوم التروية)، مناسكهم بالتصعيد إلى مشعر منى، تأسياً بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وسط استعدادات قصوى لمختلف أجهزة الدولة، ومنظومة خدمات متكاملة لتأمين سلامتهم وتيسير أدائهم الشعيرة، في أجواء إيمانية تحفّها الطمأنينة والسكينة.
ويقضي الحجاج القادمون من كل فج عميق بمشعر منى يوم التروية، الذي سُمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، حيث يؤدون هناك صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً دون جمع، ويبيت معظمهم استعداداً للصعود إلى عرفات مع بزوغ فجر السبت لأداء الركن الأعظم.
ويوجد في منى ما يُعدّ أكبر مدينة خيام في العالم، وهو أحد أكبر المشروعات التي نفذتها الحكومة السعودية، على مساحة مقدرة بـ5.2 مليون متر مربع لاستيعاب 6.2 مليون حاج بمختلف أعمارهم وأعراقهم.
حجاج الخارج
كانت «مديرية الجوازات» أعلنت استقبال مليون و547 ألفاً و295 حاجاً قدِموا لأداء مناسك الحج لموسم هذا العام، عبر منافذها الجوية والبرية والبحرية، وذلك حتى نهاية يوم الاثنين الماضي، موضحة أنه بلغ عدد ضيوف الرحمن القادمين من مختلف أنحاء العالم عبر المنافذ الجوية 1483312 حاجاً، و«البرية» 59273 حاجاً، و«البحرية» 4710 حجاج. وأكدت تسخير إمكاناتها كافة، لتسهيل إجراءات دخولهم، بدعم منصاتها في جميع المنافذ الدولية بأحدث الأجهزة التقنية التي تعمل عليها كوادر بشرية مؤهلة بلغات مختلفة.
جاهزية أمنية
وتفقّد الفريق محمد البسامي، مدير الأمن العام السعودي، قوات أمن الحج والجهات العسكرية المساندة والمشاركة في خدمة الحجاج بالمشاعر المقدسة، مؤكداً جاهزية الخطط الأمنية والتنظيمية، التي تهدف إلى أمن وسلامة وراحة ضيوف الرحمن. وشدد على أن قوات أمن الحج ستتصدى بكل حزم وقوة لكل فعل يؤثر في طمأنينة ضيوف الرحمن أو سلامتهم أو متطلبات تسهيل وتيسير مناسكهم.
وأوضح العقيد عمر الطلحي، قائد المركز الوطني للعمليات الأمنية، أن المركز يواصل خدماته لاستقبال المكالمات الأمنية والإنسانية وتقديم المساعدة اللازمة للحجاج على رقم الطوارئ الموحد (911)، مؤكداً الحرص على أمنهم وسلامتهم، وإحالة بلاغاتهم للجهات المختصة في وقت قياسي، والتعامل معها بدقة واحترافية عالية، ومتابعتها حتى انتهائها، وتقديم الدعم والمساندة للجهات الشريكة لتطبيق خطة الطوارئ الشاملة، وتحقيق التنسيق والتكامل بين الجهات الأمنية والخدمية.
مساندة جوية
سخّرت «القوات الجوية الملكية» إمكاناتها وقدراتها لتقديم المساندة في تعزيز الإجراءات الأمنية لمنع وقوع أي حوادث تخل بأمن الحج والحجيج، وتؤثر في سلامتهم منذ لحظة وصولهم لأداء المناسك وحتى لحظة مغادرتهم المشاعر المقدسة، حيث تتولى مسؤولية تنظيم وإدارة ومتابعة الأجواء، والإشراف على الحركة الجوية لجميع الطائرات المشاركة في مهمة الموسم من القطاعات الأخرى، وتأمين الطائرات اللازمة لتنفيذ الخطط، فضلاً عن تغطية المنافذ بفنيين للكشف عن المواد الخطرة.
كما تعمل مع الجهات المعنية في وزارة الداخلية على متابعة الخطط الأمنية، وحركة المرور والمشاة، ومراقبة منافذ العاصمة المقدسة ونقاط الفرز؛ لمنع تسرب مخالفي أنظمة الحج إلى المشاعر المقدسة، وذلك عبر تسيير رحلات جوية على مدار الساعة بواسطة طائراتها العمودية المجهزة بأحدث التقنيات التي تشارك أيضاً في مراقبة تحركات الحجاج من وإلى المشاعر، بالإضافة إلى قيامها بالبحث والإنقاذ وتحديد مواقع الاختناقات.
رحلات القطار
انطلق فجر الخميس قطار المشاعر المقدسة في أولى رحلاته لموسم هذا العام لنقل الحجاج بين 9 محطات منتشرة بمنى وعرفات ومزدلفة عبر 17 قطاراً، بمشاركة أكثر من 7500 موظف موسمي يتحدثون لغات مختلفة، منها «الإنجليزية، التركية، الإندونيسية، النيجيرية، وغيرها»، على أن يبدأ في نقلهم من مشعر منى إلى مشعر عرفات مساء يوم التروية.
تصعيد المرضى
وصعّدت وزارة الصحة، الخميس، الحجاج المرضى المنوّمين في مستشفيات محافظة جدة عبر سيارات إسعاف مجهزة بجميع المستلزمات، ومزوّدة بفريق طبي متكامل، لتنويمهم في مستشفى جبل الرحمة، لاستكمال علاجهم، وتمكينهم من أداء المناسك، في ظل رعاية طبية وعلاجية متكاملة.
كما فوّجت، الأربعاء، المنوّمين في مستشفيات المدينة المنورة من مختلف الجنسيات إلى مستشفيات المشاعر المقدسة، عبر قافلة مجهزة بمنظومة صحية متكاملة، حيث تستكمل الخطة العلاجية المعدة لهم، ليتمكنوا من إتمام مناسك حجهم بصحة وسلام.
خدمات رقمية
أتاحت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، للحجاج مجموعة خدمات رقمية عبر تطبيق «توكلنا» بسبع لغات، هي «العربية، والإنجليزية، والفلبينية، والإندونيسية، والبنغلاديشية، والأوردية، والهندية»، وتشمل الخدمات «منتج الرسائل»؛ إذْ سيتمكنون من استقبال الإشعارات الخاصة بموسم الحج، علاوة على متابعة حالة الطقس في مكة المكرمة والمدينة المنورة أولاً بأول، وتصفح المصحف الشريف، ومعرفة القِبلة، وتحديد مواقيت الصلاة، كذلك استعراض بطاقة الحاج الرقمية «نسك»، وإصدار تصريح عمرة خلال الموسم، بالإضافة إلى خدمات «أسعفني»، و«نداء الاستغاثة».
جهود وقائية
وتنفّذ هيئة الصحة العامة (وقاية) مجموعة أنشطة وخدمات لضمان سلامة الحجاج، حيث استعدت مبكراً بوضع خطط الجاهزية لمكافحة الأمراض المعدية، وتحديث الأدلة والبروتوكولات ذات العلاقة في مخاطر الصحة العامة، وتقييم المخاطر المستمر. كذلك عمدت إلى توفير وحدات الأمراض المُعدية المتنقلة من مستويي الأمان البيولوجي الثاني والثالث، والتي تم رفع جاهزيتها لاستقبال وفحص العينات المعدية، بكوادر وطنية مدرّبة ومتخصصة، وعدد كافٍ من المحاليل الطبية اللازمة لإخراج النتائج ضمن الوقت المحدد لكل فحص.
حملات توعوية
وتواصل وزارة الصحة حملتها التوعوية لضيوف الرحمن في مختلف أنحاء المشاعر المقدسة؛ بهدف نشر التوعية الصحية بينهم، وتعريفهم بالإجراءات الوقائية الواجب اتباعها للحفاظ على صحتهم وسلامتهم خلال أدائهم المناسك، ومنها معلومات حول الوقاية من الإجهاد الحراري الناتج من ارتفاع درجات الحرارة، ونصائح بشأن الصحة العامة مثل حمل المظلة وأهمية شرب الماء الكافي، والتعامل مع الحالات الطارئة.
استشارات افتراضية
وأتاحت الوزارة عبر «مستشفى صحة الافتراضي» خدمات الاستشارات الطبية الفورية – عن بعد – لضيوف الرحمن على مدار 24 ساعة، سواءً من خلال الاتصال بالرقم الموحد 937 الذي يخدمهم بـ6 لغات «العربية، الإنجليزية، الفرنسية، التركية، الفارسية، الأوردو»، أو عبر تطبيق «صحتي»، أو منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي؛ بهدف تسهيل حصولهم على الاستشارات الطبية الموثوقة والتوجيه الطبي اللازم في أي وقت، ومن أي مكان أثناء تأديتهم للمناسك، كما يكنهم الحصول على وصفة طبية إلكترونية.
خرائط تفاعلية
أصدرت جمعية الكشافة العربية السعودية، الخرائط التفصيلية والتفاعلية لمشعرَي منى وعرفات، والمنطقتين المركزيتين للحرمين الشريفين، والمدينة المنورة بشكل كامل، وعدد من أهم الأحياء، لتمكين ضيوف الرحمن من الاستفادة منها وتحديد الاتجاهات والمواقع عبر تحميل تطبيق الخريطة من موقعها الإلكتروني، بالتركيز على الثوابت، ومن أهمها ترقيم المخيمات والمربعات «إسكان الحجاج» والتي تعتمد على الطرق والشوارع، وفق خرائط واضحة يتم التعامل معها بكل يسر وسهولة.
سلامة الغذاء
وتفقد الدكتور هشام الجضعي، الرئيس التنفيذي لـ«هيئة الغذاء والدواء»، عدداً من المصانع والمنشآت الغذائية في منطقة مكة المكرمة، للاطلاع والتحقق من التزامها بجميع الاشتراطات والمواصفات الفنية، والتأكد من توفر الإمدادات اللازمة وجودتها، وآلية عمل هذه المنشآت بما يضمن سلامة المنتجات الغذائية للحجاج، وضرورة توفرها بشكل آمن وصحي، ضمن جهود الهيئة للرقابة والتفتيش، وتوعية العاملين في مطابخ الإعاشة لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن.
جودة الهواء
كشف «مركز الرقابة على الالتزام البيئي» عن زيادة عدد محطات رصد جودة الهواء في موسم الحج هذا العام بنسبة 70 في المائة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، مقارنة بـ6 محطات فقط تم تشغيلها لأول مرة عام 2021، حيث تستند حسابات مؤشر جودة الهواء إلى قياسات 6 ملوثات رئيسية، هي ثاني أكسيد النتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، والأوزون الأرضي، وأول أكسيد الكربون والجسيمات العالقة أقل من 10 و2.5 ميكروجرام.
سندات الأضاحي
وبدأ «مشروع السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي» في تلقي طلبات تنفيذ الأضاحي والهدي في وقتها الشرعي، بعد أن أتم الاستعدادات والتجهيزات في مواقع أداء النسك وسط إجراءات صحية، للتسهيل على الحجاج، وتنفيذ طلبات عموم المسلمين في أنحاء العالم من الأضاحي والصدقات، وذلك من خلال خدماته المتوفرة عبر منصة «أضاحي» الإلكترونية.
قياس الأداء
يقوم المركز السعودي لقياس أداء الأجهزة العامة (أداء)، بقياس 81 خدمة تقدمها 18 جهة حكومية للحجاج خلال رحلة أدائهم الفريضة وزيارة المسجد النبوي؛ بهدف معرفة مستوى رضاهم عنها، وذلك ضمن جهود تحسين الجودة. وتندرج العمليات تحت مراحل رئيسية تبدأ من مرحلة التعاقد والحصول على التصاريح ثم السفر للحج، مروراً بأداء المناسك والتنقل بين المشاعر المقدسة والخدمات المساندة في مكة المكرمة، ثم الانتقال لزيارة المسجد النبوي، وما يقدم من خدمات في المدينة المنورة، انتهاءً برحلة مغادرة الحجاج إلى بلدانهم.