أثارت احتفالية العالم باليوم العالمي للإذاعة شجون العديد من المذيعين السعوديين، الذين استذكروا انطلاقة الإذاعة ودورها الهام في نقل المعرفة للمواطن السعودي، وجعله مواكباً للأحداث المحلية والعالمية، هؤلاء المذيعون القدماء سطروا مشاركاتهم في الإذاعة السعودية، وظلوا يشعرون بالحنين للحظات التي عاصروا فيها بدايات الإذاعة في السعودية.
راديو ترانزيستور
المذيع السعودي سبأ باهبري تحدث إلى “العربية.نت” قائلا: كثير من الناس وخصوصاً هذا الجيل الذي فتح عينيه على الدنيا وخيارات الأخبار والتثقيف والتسلية متاحة أمامه بوفرة، يجهلون دور الإذاعة في حياة الناس، فعندما بدأت الإذاعات في البث بعد الحرب العالمية الأولى، كانت ثورة في عالم الإعلام بكل صوره السياسية والثقافية والترفيهية، وتفوقت على الإعلام المقروء، وفي منتصف القرن الماضي بعد تأسيس الإذاعات الحكومية في العالم العربي، ولعب الراديو دورا رائداً في نشر الوعي والثقافة، خصوصاً في أوساط الأميين الذين كانت نسبتهم عالية، وكانت أيضا الوسيلة الرئيسة للترفيه، ومن خلال الإذاعات تعرفت الشعوب على أخبار لهجات وفنون بعضها البعض، وقبل ظهور الجوال كانت الإذاعة الوسيلة الوحيدة للتسلية خلال التنقل في السيارات، بل حتى على ظهور الدواب، فقد رأيت صوراً لقرويين يتنقلون في الجبال وقد علقوا راديو ترانزيستور في رقبة البغل الذي يركبونه، وعندما دخلت الإذاعة إلى الرياض فرح بها الناس.
وتابع الحديث: شهدت الإذاعة عصراً ذهبياً، ثم لم يلبث أن نافسها التلفزيون بقوة، لكنها بقيت مستأثرة بجمهورها في السيارات وخصوصا في أوقات الذروة في الذهاب إلى العمل والمدارس والعودة منهما، أما البرامج المميزة فيأتي في مقدمتها آنذاك ما يطلبه المستمعون ثم المسلسل الشهري.
الإذاعة مطبخ المذيعين
ومن حديث المذيع ناصر الراجح: التحقت بالإذاعة عام 1392 بعد أن قدمت التجارب الصوتية للاختبار، وصلتني رسالة وأنا في الصف الثالث المتوسط من مدير الإذاعة، وبدأت مشواري متدرباً لمدة 3 أشهر من خلال الحضور مع المذيعين، ثم بدأت في تقديم البرامج برفقة مذيع، وتدربت على يد العديد من المذيعين القدامى في الاذاعة السعودية، إلى أن تمكنت وأسند لي تقديم الفترة كاملة، ثم بدأت أقدم بعض البرامج منها “الميكروفون هناك” “من كل مكان” “طائفة من أقوال الرسول الكريم” برنامج “نحن والمستمع” إلى أن طلب مني تقديم برنامج شعبي برفقة الزميل حمد الصبي واسمه “المجلة الشعبية” وبرنامج الخيمة الشعبية، والذي لاقى نجاحا كبيرا لمدة 18 سنة برفقة محمد الشرهان كضيف دائم.
وأشار إلى أن الإذاعة السعودية كانت تهتم بالمذيع ولا تجازف بإخراجه على الهواء، إلا إذا تم التأكد من تمكنه، حيث إنني جلست سنوات عديدة قبل أن يسمح لي بقراءة نشرة أخبار، والتي أسندت إليّ بعد 5 سنوات، وهذا ما نؤكد عليه من إعداد المذيع الجيد والحرص على اللغة العربية، والثقافة والمعلومات عن كل شيء، وأن يأخذ من كل علم بطرف.
مكانة الإذاعة
وأشار المذيع مزيد السبيعي عن الهجمة الشرسة من وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يسمى بـ”الإعلام الجديد” على وسائل الإعلام التقليدي ومنها الإذاعة، إلا أنها (الإذاعة) ما زالت تحتفظ بمكانتها وأهميتها، ولديها مستمعيها الذين لا يزالون يتابعونها ويستمعون لبرامجها.
وقال: في وقتنا الحاضر زاد عدد الإذاعات وكلها تتنافس لنيل رضى المستمع، فهناك الإذاعات التي تقدم الأخبار وعلى مدار الساعة، والإذاعات المتخصصة في القرآن الكريم والرياضة والفن والاقتصاد، ولا شك أن سهولة متابعة الإذاعة أعطاها كثير من الأهمية لدى المتلقي، حيث لا يتطلب متابعتها أجهزة استقبال مكلفة، وهي رفيق دائم لقائدي السيارات يقطع بالاستماع إليها الوقت.
وذكر المذيع محمد بن نهار القحطاني، أنه يستذكر دائماً الإذاعة وما ساهم به من تقدم المادة الإذاعية المناسبة، و”الآن ومن خلال متابعتي لكثير من الإذاعات العربية المسموعة والمرئية، أقوم بالمقارنة بين الإذاعة سابقاً وحالياً، فقد كان لي تجارب على مدى 40 عاما، والكثير من البرامج المباشرة والمسجلة، ومن هذه البرامج برنامج أهلًا بالمستمعين وبرنامج في دائرة البحث العلمي، وبرنامج المستشار النفسي، ومازلت أتذكر مشاركتي مع الزملاء في البث المباشر عند الغزو العراقي للكويت، وعندما فتحت الإذاعة أثيرها للأشقاء الكويتيين للتواصل فيما بينهم، وفي الذاكرة الأيام الأولى لبداية المشوار الإذاعي، ومازلت أذكر نشرة إخبارية أيام حرب الخليج الثانية، قدمتها مشاركة مع غالب كامل، وشعرت في بدايتها برهبة وأنا أشارك مع قامة عملاقة إعلامية، كل هذا الذكريات لا تغيب عن بالي أبداً”.
وذكر المستشار الإعلامي الدكتور عبدالله بن زيد المشاري أن “الإذاعة هذه الوسيلة الفريدة في نقل المعرفة والعلوم للمجتمع عبر حاسة السمع، لتفتح أمام العقول عالم من المعرفة والتواصل، وكانت الإذاعة السعودية ومازالت جسراً تواصلياً يربط بين الناس معززة الانتماء للمجتمع والهوية الوطنية، فهي تسهم في بناء عالم أفضل من خلال نقل الفهم والتواصل الإيجابي، وأتذكر الإذاعة السعودية كل صباح في طريقي إلى المدرسة معهد العاصمة النموذجي، فقد كان الوالد حفظه الله يحرص على سماعنا لهان وأتذكر برنامج ازرع واحصد على إذاعة الرياض، وبرنامج الأرض الطيبة، وبرنامج من المكتبة السعودية، وبرنامج نور على الدرب وبرنامج الخيمة الشعبية وغيرها”.