ينشغل العالم في اليومين المنصرمين بخبر مقتل قائد مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين في حادث تحطّم طائرة خاصة شرقي العاصمة موسكو.
وبعيدًا عن تفاصيل وفاته والغموض الذي يلف حادثة الطائرة التي كان على متنها 10 أشخاص قضوا جميعهم مع بريغوجين، سيُذكر الرجل الذي رحل عن عمر 62 عامًا باعتباره أمير حرب ثريًا، إذ جمع ملايين الدولارات من خلال العمليات والصفقات المشبوهة التي قام بها في عدة دول تشهد نزاعات مسلحة.
كما سيعرف عن قائد المرتزقة الراحل، بأنه تحول إلى عدو مُعلن لبوتين، بعدما كان أحد أقرب حلفائه.
طباخ بوتين الذي أصبح أكبر عدو له في الداخل
ولد يفغيني بريغوجين في يونيو/ حزيران 1961 بمدينة سان بطرسبورغ بروسيا في أسرة متواضعة، ويعرف بوتين منذ التسعينيات.
انخرط بريغوجين في الأعمال العسكرية في أعقاب الحركات الانفصالية المدعومة من روسيا، حيث أسس مجموعة “فاغنر” عام 2014 التي يصل عدد أعضائها إلى 20 ألفًا، والتي كانت في طليعة المشاركين في الحرب الروسية على أوكرانيا.
كما كان بريغوجين من أقرب المقربين من بوتين، قبل أن يصبح أكبر عدو له في الداخل، بعدما حاول شن انقلاب عسكري في يونيو/ حزيران 2023.
وفي الماضي، كان يُشار إلى بريغوجين في كثير من الأحيان باسم “طباخ بوتين” لأنه كان يمتلك عددًا من المطاعم وشركات تقديم الطعام التي تقدم الخدمات للكرملين.
وترسم الصحافة الغربية صورة قاسية لرئيس “فاغنر” الراحل، فيما وصفه العديد من الأشخاص الذين عرفوه بأنه “متآمر لا يرحم”.
في هذا الصدد أشار رجل أعمال كان قريبًا من الأوليغارشي الروسي في التسعينيات لصحيفة “الغارديان” إلى أن “بريغوجين مندفع وموهوب، ولن يتراجع عن أي شيء للحصول على ما يريد”.
وأمضى “طباخ بوتين” 9 سنوات في السجن عندما كان الاتحاد السوفييتي على شفير الانهيار، قبل أن يؤسس عقب خروجه شركة ناجحة لبيع النقانق. وارتقى السلّم بعد ذلك وصولًا إلى فتح مطعم فخم أصبح من أهم مطاعم سان بطرسبرغ، حين كان نجم بوتين يصعد.
واستخدم بريغوجين الأموال التي حصدها من شركته لتأسيس “فاغنر” وهو جيش خاص ضمّ في صفوفه أولًا مقاتلين قدامى أصحاب خبرة من كلّ من الجيش وأجهزة الاستخبارات الروسية.
كم تبلغ ثروة يفغيني بريغوجين؟
تشير التقديرات إلى أن أمير الحرب الراحل ملياردير يمتلك يختًا ضخمًا، وطائرة خاصة من بين كماليات أخرى، وبثروة صافية تقدر بأكثر من 1.2 مليار دولار.
ففي يونيو/ حزيران، أعلن بوتين أنه في العام الماضي وحده، حصل بريغوجين ومجموعة “فاغنر” على عقود بقيمة 2 مليار دولار من الحكومة الروسية.
وبحسب تقارير غربية، استفاد أيضًا من الموارد الطبيعية للدول الأخرى حيث نشطت مجموعته التي دعمت الأنظمة غير المستقرة، لا سيما في إفريقيا.
فقد كشف تحقيق أجرته صحيفة “الفايننشال تايمز” كيف قدمت مجموعة “فاغنر” خدمات أمنية لعشرات الدول الإفريقية والشرق أوسطية الممزقة بالحروب مثل سوريا وليبيا.
ويزعم التقرير أن الشركات التي يُزعم أنها مرتبطة ببريغوجين حققت 250 مليون دولار من الموارد الطبيعية في تلك الدول، في السنوات الأربع التي سبقت الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.
حيث يزعم أن مجموعة “فاغنر” كانت تنهب الماس والذهب والنفط والغاز من البلدان التي تعمل فيها، بالإضافة إلى حصولها على أموال مباشرة من الأنظمة المتعاقدة معها.
هذا بالإضافة إلى أعماله الأخرى، التي أدت إلى تضخيم ثروة بريغوجين لمستويات غير عادية، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن ثروته الشخصية تصل إلى 2.5 مليار دولار.
فبريغوجين يعد أحد أنجح رجال الأعمال الروس، بفضل علاقاته المتشابكة بعالم الأعمال وسيطرته على شبكة من الشركات.
حتى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصفه أمس الخميس في أول تعليق رسمي على مقتله، بأنه رجل أعمال موهوب، معتبرًا أنه ارتكب “أخطاء” لكنه “حقّق نتائج”.