“لن ينجو أحد”… شعار رفعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتبناه مسؤولو مكافحة الفساد والمخدرات في السعودية، ليتحول إلى خطة عمل شاملة في الحرب التي تخوضها المملكة، بلا هوادة، ضد الفاسدين ومروجي المخدرات أيا كانت صفتهم.
وتعتمد استراتيجية ابن سلمان لمكافحة الفساد والمخدرات على جهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، والمديرية العامة لمكافحة المخدرات.
مكافحة الفساد
وفي تصريحات سابقة، تحدث محمد بن سلمان عن معركة تخوضها المملكة لمكافحة الفساد بجميع صوره أيا كانت صفة المتورطين فيه.
وقال ابن سلمان: “سيتم محاسبة أي فاسد تتوفر ضده الأدلة الكافية، كائنا من كان… أميرا أو وزيرا أو مواطنا”.
وتهدف استراتيجية المملكة إلى تحقيق أعلى درجات الشفافية في جميع المؤسسات الحكومية بما يتوافق مع مسيرة التنمية التي تشهدها المملكة ضمن “رؤية 2030”.
وفي 2020، وصف محمد بن سلمان منتسبي هيئة مكافحة الفساد بـ “الفرسان”، مشيرا إلى أنهم يخوضون “معركة شرسة” لاستئصال الفساد من المملكة، حسبما ذكرت صحيفة “عكاظ” السعودية.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، قال مازن الكهموس، رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، إن المعركة التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، عنوانها “الحزم والعزم”، مشيرًا إلى أن هدفها هو اجتثاث جذور الفساد وتأكيد مرحلة سيادة القانون التي تساوي بين الجميع وتعزز النزاهة والشفافية في العمل الحكومي.
ولفت الكهموس إلى أن الفساد يصيب مفاصل الدولة في قطاعات مختلفة تشمل التعليم والصحة والأجهزة الرقابية، مشيرًا إلى أنه من أكثر الجرائم فتكا بالأمن المجتمعي لأنها تؤدي إلى تأخر تقدم الدولة.
ولم تتوقف المملكة عن ملاحقة جميع أنواع الفساد في مؤسسات الدولة السعودية، وكان آخرها ما أعلنت عنه، أمس السبت، بشأن إيقاف 134 شخصا لاتهامهم في قضايا تشمل استغلال النفوذ والرشوة والتزوير وغسل الأموال، حسبما أعلنت الهيئة على حسابها الرسمي على “تويتر”، التي أشارت إلى أن قائمة المتهمين تشمل عدة وزارات بينها الدفاع والداخلية.
في 2021، تم الإعلان عن إيقاف عشرات المتهمين في قضايا فساد، وكان أبرزها إيقاف 65 متهما بينهم 48 من منتسبي وزارة الدفاع والداخلية وجهات حكومية أخرى.
واستمرت جهود المملكة في مكافحة الفساد في 2022، وكان من بينها إيقاف 60 شخصا في تهم فساد بينهم مسؤولين حكوميين.
في فبراير/ شباط 2022، أعلنت هيئة مكافحة الفساد السعودية إيقاف 234 متهما في جرائم فساد خلال شهر واحد، وفي يونيو/حزيران، أعلنت الهيئة صدور أحكام سجن بحق 5 قضاة وسفير سابق وعدد من المسؤولين على خلفية اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ، وفي سبتمبر/أيلول من ذات العام، أعلنت أنه تم إيقاف أكثر من 90 متهما في قضايا فساد.
وشهد 2023 مواصلة جهود المملكة في مكافحة الفساد، ففي مايو/ أيار الماضي، أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة” أنها حققت مع 211 متهما، تم إيقاف 84 منهم بتهم فساد ورشوة وتزوير، وشمل جهات مختلفة بينها وزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني.
وفي يونيو، أعلنت الهيئة أنها تحقق في 19 قضية جنائية تتعلق بالفساد، كما أعلنت أيضا توقيف 141 شخصا بتهم فساد، مشيرة إلى أنهم ينتمون لجهات حكومية مختلفة.
مكافحة المخدرات
وفيما يتعلق بمكافحة المخدرات، أكد وزير الداخلية السعودية عبد العزيز بن سعود، أنه تم توجيه ضربات قوية لمهربي ومروجي المخدرات واصفا ما تقوم به المملكة بأنه “حرب على المخدرات”، مشيرا إلى أن الحملة ضدهم لا تزال في بدايتها، حسبما ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، أمس السبت.
وقبل أيام، أعلنت وزارة الداخلية السعودية ضبط مجموعة من مروجي المخدرات في الرياض وبحوزتهم نحو 75 كيلوغراما من مادة الحشيش المخدرة.
وقالت الوزارة في بيان على صفحته الرسمية على “تويتر”، إن من بين المتهمين الذين تم القبض عليهم يوجد 3 أفراد يعملون في أحد القطاعات الأمنية السعودية، وهو ما يسلط الضوء على تكامل جهود مكافحة الفساد والمخدرات في ذات الوقت.
وعلق وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود على ذلك بعبارة كتبها على “تويتر”، قال فيها: “بجهود رجال الأمن المخلصين.. لن ينجو أحد كائنا من كان”، في إشارة للمشاركين في عمليات تهريب وترويج المخدرات داخل المملكة”.
وتشمل استراتيجية المملكة لمكافحة المخدرات ملاحقة المروجين في الداخل وتشديد الرقابة وحملات التفتيش على جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية.
ورغم أنه لا توجد إحصائية شاملة حول إجمالي المخدرات التي يتم ضبطها داخل المملكة أو أثناء محاولة تهريبها إلى الداخل، إلا أن الكميات التي يتم الإعلان عنها من فترة إلى أخرى، هي كميات هائلة، حسبما ذكرت صحيفة “إندبندنت” عربية.
ففي ديسمبر/ كانون الأول 2022، تم إحباط محاولات تهريب نحو 2.9 مليون حبة “كبتاغون” عبر منفذي الربع الخالي والحديثة.
وفي مايو/ أيار الماضي، تم ضبط نحو 5.2 مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر في ميناء جدة، بينما تم ضبط نحو 3.6 مليون قرص من المادة نفسها في أبريل الماضي، في الرياض.
ويعني ذلك أنه عدد الأقراص المخدرة من مادة الإمفيتامين التي تم ضبطها خلال شهرين فقط يصل إلى نحو 9 ملايين قرص مخدر.
أبرز إحصاءات الأشهر الأخيرة، وفقا للبيانات الرسمية، التي أعلنت عنها وزارة الداخلية والمديرية العامة لمكافحة المخدرات في المملكة:
أبريل: إحباط تهريب 23 طنا من القات و264 كيلوغراما من الحشيش.
مايو: إحباط تهريب 132 كيلوغراما من القات و95 كيلوغراما من الحشيش.
يونيو: إحباط تهريب 602 كيلوغراما من نبات القات.
5 يوليو/ تموز 2023: إحباط تهريب 88.2 طن من القات و386 كيلوغراما من الحشيش.
14 يوليو: إحباط تهريب 255 كيلوغراما من القات في جازان.
28 يوليو: إحباط تهريب 390 كيلوغراما من القات.
6 أغسطس: إحباط تهريب 119 كيلوغراما من القات.
23 أغسطس: إحباط محاولات تهريب نحو 36 طنا من نبات القات المخدر، و1.4 طن من مادة الحشيش المخدر، و29 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي.
30 أغسطس: ضبط 3.4 مليون قرص الإمفيتامين المخدر في الرياض.
3 سبتمبر: ضبط 100 ألف قرص من مادة الإمفيتامين في الجوف.
6 سبتمبر 2023، إحباط محاولات تهريب أكثر من 300 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في نجران.
4 سبتمبر: ضبط 10 كيلوغرامات من مادة الحشيش بمنطقة حائل و51 كيلوغراما من نبات القات المخدر في منطقة تبوك، و8 كيلوغرامات من مادة “الشبو” المخدرة في منفذ البطحاء ومطار الملك خالد.
10 سبتمبر: إحباط ترويج 28 كيلوغراما من الحشيش المخدر في نجران.
13 سبتمبر 2023: إحباط محاولات تهريب 39 طنا من نبات القات المخدر، و837 كيلوغراما من مادة الحشيش المخدر، ونحو 337 ألف قرص من مادة الإمفيتامين المخدر و478 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي، بعدة مناطق شملت نجران وعسير.
في 13 سبتمبر أيضا، تم الإعلان عن ضبط 8.6 كيلو غرام من مادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو) و1.3 كيلو غرام من مادة الهيروين المخدر بمحافظة جدة.
14 سبتمبر 2023: ضبط 75 كيلوغراما من الحشيش المخدر في الرياض.
16 سبتمبر: ضبط 31 كيلوغراما من مادة الحشيش المخدر بمنطقة جازان.
وبينما يمثل الفساد أحد أسباب تأخر الدول وعدم قدرتها على تنفيذ أهداف التنمية الشاملة، فإن المخدرات تمثل أحد أكبر العقبات أمام التنمية الاقتصادية لأنها تستهدف عصب أي أمة وهم الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما، كما تقول استشارية الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتورة فاطمة كعكي.
ولفتت كعكي، التي تعمل في أحد مستشفيات جدة، في تصريحات صحفية، إلى أن نسب تعاطي المخدرات ارتفعت عالميا بصورة كبيرة وصلت إلى 22 في المئة في عام 2021، مقارنة بإحصاءات 2010، التي تصدرها الأمم المتحدة.
وتمثل السعودية واحدة من أكثر بلدان الشرق الأوسط، التي يستهدفها مهربو المخدرات وخاصة مخدر “الكبتاغون”، ولهذا السبب تواصل المملكة جهودها الحازمة في مواجهة هذا الخطر، لحماية اقتصادها الذي يعد الأكبر عربيا، والذي يحتل مكانة متقدمة عالميا.
المصدر:سبوتنيك