-

“فيها خراب بيوت”.. خطوة صادمة من الحكومة

“فيها خراب بيوت”.. خطوة صادمة من الحكومة
(اخر تعديل 2024-09-09 15:37:03 )
بواسطة

ازداد اعتماد الأسر السورية خلال السنوات الأخيرة على الدعم الحكومي لعدد من السلع والخدمات الأساسية، تبعا لضعف القدرة الشرائية وتراجع سعر الليرة أمام الدولار الأمريكي على خلفية جملة معقدة من تراجع الناتج الوطني والحصار الخانق الذي تضربه بعض الدول الغربية على الاقتصاد الوطني.

يوم أمس، أصدرت الحكومة السورية قرارا برفع الدعم جزئيا عن بعض المشتقات النفطية، بالتزامن مع صدور مرسوم رئاسي بمنح زيادة (100%) على الرواتب والأجور لجميع العاملين في القطاع العام السوري ومؤسساته وشركاته.

وحافظت الحكومة في قرارها على سعر ليتر المازوت المخصص للمخابز العامة والخاصة عند 700 ليرة سورية (نحو 5.5 سنت/ دولار أمريكي)، فيما رفعت سعره “المدعوم للتدفئة المنزلية” من 700 إلى 2000 ليرة سورية (نحو 17 سنت/ دولار أمريكي)، وسعر “أوكتان 90″ المدعوم 8000 ليرة سورية للتر الواحد، و”أوكتان 95” 13500 ليرة سورية لليتر الواحد.


وأصبح سعر ليتر المازوت (الحر) للقطاع الزراعي (خارج الدعم) بـ 11550 ليرة سورية، فيما بقي سعر المازوت الصناعي (للمستشافيات الخاصة ومعامل الأدوية والصناعات الزراعية “خارج الدعم”) عند 8000 ليرة سورية، وطن الفيول 7887500 ليرة وطن الغاز السائل دوكما 9372500 ليرة سورية.

الحكومة السورية اتخذت قرارات الرفع الجزئي للدعم كمحاولة لتقليص العجز الحاصل في الإيرادات، وإدارة الأزمة، على أمل أن تكفي لطمئنة المواطنين، وسط الإرباك الشديد الذي يعتمل الاقتصاد الوطني، بالتزامن مع شح توريد المشتقات النفطية المحلية الناجم عن قيام جنود وضباط الجيش الأمريكي بسرقة القمح والنفط وثروات وطنية أخرى، وتصدير إنتاج أكبر حقول النفط والغاز في البلاد التي يسيطرون عليها شرقي البلاد، إلى خارجها.

الخطوة الحكومية التي استدرجت ردود فعل شعبية تتشارك في تشاؤمها، وسط صعوبات اقتصادية ومعيشية الصعبة تجتاح حياة المواطنين السوريين، تبدو كإجراء يائس في توقيته، مدفوع بتطلعات إلى تقليص “عبء الدعم” على الخزينة العامة، في الوقت الذي تعاني من صعوبة تأمين المواد الأساسية (المحروقات، الحبوب) مع ارتفاع أسعارها عالميا، وعجزه عن تأمين ثمنها بالعملة الأجنبية.

الخبير الاقتصادي الدكتور، عمار يوسف، قال لـ”سبوتنيك” إن تزامن “زيادة الرواتب مع رفع أسعار المحروقات سيؤدّي إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.. هذا التزامن سيزيد من استنزاف السوريين، وهذا يعني زيادة الفقر والجوع”.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن “رفع حوامل الطاقة سيؤثر على الوضع المعيشي في ظل العقوبات الاقتصادية على سوريا، كما إن مرسوم الزيادة سيكون له أثر ايجابي بسيط بحكم ارتفاع الأسعار وخاصة الغذائية”.

وأضاف اليوسف: “الهزة الاقتصادية التي نتعرض لها اليوم ستؤدي حتما إلى خلق العديد من المنغصات، منها عدم القدرة على إعادة الإعمار وعدم السيطرة على رفع سعر الصرف مقابل الليرة السورية وزيادة التضخم والفقر”.

وبين الخبير الاقتصادي السوري أن “الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تعاقب السوريين دون مراعاة حياتهم ومتطلبات معيشتهم الأساسية”، مؤكدا أن واشنطن “لا تعاقب الحكومة السورية كما تدعي”.

غياب الرقابة على الأسواق.. “أين الحكومة”

في استطلاع لعينة من آراء الشارع السوري بدمشق، رصدت “سبوتنيك” ردود الفعل الشعبية التي أجمعت في معظمها على تشاؤمها من قرار الرفع الجزئي للدعم، وحذرت من دوره المتوقع في زيادة تكاليف المعيشة نظرا لكون هذه السلعة الأساسية من السلع القائدة للأسعار.

واشتكى أحد المستطلعة آراؤهم لـ “سبوتنيك”: “ارتفاع الأسعار للضعف نتيجة عدم توفر الرقابة الحقيقة في الأسواق”، مستائلا “عن سبب غياب دور الحكومة الرقابي”.

مواطن آخر أشار إلى “الوضع المعيشي أصبح سيئا في سوريا، فالأسرة المؤلفة من 4 أشخاص تحتاج إلى 4 – 5 مليون لتوفير الأكل والشرب”.

ولفت المواطن إلى “انتشار الفساد بشكل كبير”، مطالبا “الحكومة بالعمل على الحد منه من خلال التغيير واتخاذ القرارت الصحيحة، فالكثير من الأسر السورية تحت ضغط الغلاء وتدني الدخل تضطر إلى تغيير عاداتها الغذائية، وتقليص إنفاقها على الغذاء إلى الحدود الدنيا”.

سائق أحد وسائل النقل الخاصة، اختصر لـ”سبوتنيك” رأيه قرار رفع الدعم بالقول: “خربان بيوت”.

وبحسب “برنامج الأغذية العالمي”، فإن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حاليا نحو ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط، وتظهر أحدث البيانات أن سوء التغذية آخذ في الارتفاع، مع وصول معدلات التقزم بين الأطفال وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات غير مسبوقة.