ظاهرة الاحتراق الوظيفي وتأثيرها على الموظفين
مقدمة حول الاحتراق الوظيفي
في عصرنا الحديث، حيث تتزايد الضغوط اليومية وتتعقد المهام بشكل متسارع، أصبح الاحتراق الوظيفي ظاهرة تؤرق العديد من الموظفين في مختلف القطاعات. يعرف الاحتراق الوظيفي بأنه حالة من الإرهاق الجسدي والعقلي الناتج عن ضغط العمل المستمر، ويتجلى ذلك في مشاعر الإحباط وفقدان الدافع. هذه الحالة لها تأثيرات سلبية على الصحة النفسية والجسدية للموظفين، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وزيادة معدلات الاستقالات.
الأسباب والعوامل المؤدية للاحتراق الوظيفي
يسعى الكثيرون لفهم الأسباب الكامنة وراء هذه الأزمة الخفية وكيفية التصدي لها، خاصة في بيئات العمل الحساسة مثل القطاعين الصحي والمالي. يقول علي آل عيد، المختص في إدارة الموارد البشرية، إن الاحتراق الوظيفي أصبح موضوعاً رئيسياً في النقاشات الإدارية، حيث يهدف إلى تحسين الوعي حول هذه الظاهرة وتقديم الحلول المناسبة لمنع تفاقمها في المؤسسات.
تشير الدراسات إلى أن الاحتراق الوظيفي يؤثر سلباً على الإنتاجية، ويؤدي إلى زيادة التكاليف المرتبطة بدورات العمل والرعاية الصحية. إهمال هذا الجانب يساهم في ارتفاع معدلات السلبية في بيئة العمل وانخفاض مستوى الاندماج الوظيفي، مما يؤدي إلى ما يعرف بـ "الاستقالات الصامتة".
حجرة ورقة مقص مدبلج الحلقة 71
القطاع الصحي ودوره في الاحتراق الوظيفي
يعتبر القطاع الصحي من أكثر المجالات تأثراً بالاحتراق الوظيفي، حيث تتطلب المهام اليومية من العاملين فيه مستوى عالٍ من التركيز والاهتمام. وفقاً لدراسة أجريت في مدينة جدة، أظهرت النتائج أن حوالي 45% من الممرضات المشاركات يعانين من الاحتراق الوظيفي، مع وجود نسبة تتجاوز 25% منهن معرضات لتفاقم الأثر النفسي. على الصعيد العالمي، ترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ بين الممارسين الصحيين.
حملات التوعية والعلاج
في سبتمبر 2023، أطلق مجلس الصحة لدول مجلس التعاون حملة توعية حول الاحتراق الوظيفي تحت عنوان "حط خط". وقد أظهرت الحملة أن القطاع المالي وقطاع الاتصالات يشتركان في ارتفاع معدلات الاحتراق الوظيفي، حيث تتراوح النسب بين 30% إلى 50%، بحسب طبيعة العمل وثقافته.
استراتيجيات التعامل مع الاحتراق الوظيفي
أحد أهم العلاجات لهذه الظاهرة هو تعزيز الوعي الذاتي لدى العاملين. يجب على الأفراد أخذ فترات راحة قصيرة والحصول على قسط كافٍ من النوم، بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة البدنية. كما يجب أن يدرك الموظفون أهمية مشاركة مشكلاتهم مع إداراتهم، إذ أن عدم الثقة في قدرة أصحاب العمل على فهم المشكلة وحلها يعد من أبرز الأسباب التي تمنعهم من الإبلاغ عن معاناتهم.
أعراض الاحتراق الوظيفي
تشمل أعراض الاحتراق الوظيفي قلة النشاط، وعدم الرغبة في الذهاب للعمل، والشعور بالراحة عند الانتهاء منه. كما قد يشعر الأفراد بالحزن والانفعال الشديد، ويواجهون صعوبة في إنجاز المهام. وقد تظهر علامات جسدية مثل آلام الظهر والرقبة، دون أن يدركوا أن العمل هو السبب وراء مشاعرهم السيئة.
عوامل التحفيز والدعم
تعتبر الحوافز المادية والمعنوية من العوامل الأساسية التي تساهم في تقليل الاحتراق الوظيفي. دعم الموظفين من خلال التقدير والشهادات، وتقديم علاوات وهدايا مادية، يمكن أن يعزز من شعورهم بالانتماء والثقة بالنفس. وكذلك يجب تجنب المقارنات السلبية بين الموظفين والتركيز على تعزيز بيئة عمل إيجابية.