و ما أفريل إلا أكذوبة

أكثر الناس بعدا عما كان يتم تحضيره لحزب جبهة التحرير، هم أهل الدار. كانوا آخر من يعلم . صُدِم بعضهم بعزل ولد عباس . قالوا  لا لم يُعزَل ، هو مريض فقط  و يتعافى ، و يسير الحزب من بيته . طمع الرجل في حدوث معجزة ، فقام بتكذيب ما صرح  به . و يا للصدمة. اكتشف بأن المكالمة الهاتفية التي أعفته من مسئوليته من على رأس جهاز الحزب لم تكن للمزحة. إنما هو أمر نافذ لا يقبل الجدل. و هو ما فهمه ، بعد فوات الأوان ولد عباس إثر تنفيذه آخر عملية له ، كجندي من جنود الصاعقة، فهجم على بوحجة و أرداه معزولا. تأكد له بعد فوات الأوان، أنه لا طاقة له على  سنة الحياة . و هو ما سيعرفه خلفاءه حين يعبرون ذاك الباب الضيق.

و مثلما توجد أقباس من نور، تعمل على تربية السياسة ، توجد ميزة في الصراع الحالي (؟)على الرغم من غموضه و تعلقه بالإشاعات ، و تلفيق الاتهامات . و ميزته هي حمله الدليل المادي على صحة فرضية هشاشة الموجود من أحزاب و من مراكز قوة و من منظمات عمالية أو مالية . ضعفها لا يكفيه قياسه بضعف الدينار . و لا يوجد ما يمنع صاحب ( أو أصحاب ؟) القرار من تكرار التجربة مع جهاز حزب جبهة التحرير ، و مع أحزاب و منظمات أخرى، باسم شعار تشبيب واجهة الحكم . و في ظل العجز عن صياغة الحل ،  أصبح التمديد لمظاهر الازمة هو الحل .    

فالقضية لم تخرج عن مدار الشعارات  التي لا تستغني عن مخدر ” الكلوروفورم” .

في الخطاب الذي قُرِأَ باسم رئيس الدولة ، يوم 22 أكتوبر (بمناسبة اليوم الوطني للصحافة ) ، تم تجديد الدعوة لكشف الفساد. و في الخطاب أمام الولاة و الحكومة ، الأربعاء الماضي، تتكرر الدعوة إلى مكافحة الفساد، و كانت مناسبة لمهاجمة من يتعرض بالنقد الى سنوات حكم بوتفليقة ، مع أن وزير المالية أكد منذ أيام فقط ، و أمام النواب ، قرب نضوب احتياطات الصرف رغم لجوء الحكومة الى طبع الدينار من جهة ، و إلى تخفيضات متتالية  في قيمة الدينار. فتراجع الدينار أمام اليورو و الدولار، معناه زيادة في كمية الدينار ( و ليس في قيمة الدينار) الذي تدفعه شركة سوناطراك الى الضرائب ، أي أن الحكومة تطبق “اقتصادا رقميا” باستخدام قلم الرصاص و الممحاة . مباشرة بعد الخطاب الأول ، جاءت ترجمته بفضائح و أحداث جمعت بين التعسف و استغلال النفوذ و الاعتداء على كرامة الانسان . في حين توجه الخطاب الثاني لتحذير الموظف السياسي و الإداري ، حيثما كان، المعين بمرسوم أو المعين بالانتخاب حتى يقف في الاستعداد . فالوزير معنيا بالتحذير ، و مدراء الوزارات معنيين بالتحذير. و الولاة ورؤساء الدوائر و النواب و المنتخبين المحليين. فالجميع مطالب بالانضباط و التجنيد  خلف  شعار الساعة : ” التشبيب “.

هي ساعة أخرى من ساعات اللدغ  بمخدر الكلوروفورم . نغفو و نصحو ، و لا نفيق حتى بعد مرور افريل. فبين الجزائر و الرئاسيات  حكاية  أكبر من كذبة أفريل .

عبد الحكيم بلبطي

hakimbelbati@yahoo.fr