قال تعالى في أحكام الصيام : ” وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ». و على ما يبدو من زخرف كلام خطيب الثكنات ، فقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود لقيادة الأركان. و بالمناسبة السعيدة، نعبّر عن تمنياتنا أن يدخل حضرة الجنرال إلى الثكنة و يصوم عن الكلام و المناورات و التلاعبات كما دخل زكريا المحراب و صام عن الكلام. قولنا جاء من باب الخير للمؤسسة العسكرية و الوطن. لأنه كلما تكلّم قائد الأركان، أتت العواقب بما يليق بالوطن و شعبه العظيم.
تكلّم قايد صالح عن الرايات فوضع البلد في كف عفريت لولا تفطن الشعب و وعيه و حسه الوطني. بكلامه و أوامره التعسفية بقمع أحد مكونات الشخصية الجزائرية، قرعت الفتنة أجراسها. و نحمد الله أن الشعب الجزائري اعتصم بحبل الوحدة الوطنية و التكامل الوطني و قرّر تفويت فرصة ضرب الوحدة الوطنية في الصميم .
كل يوم يمر، يظهر جليا مشروع قائد الأركان الرامي لفرض تجديد النظام القديم و نسف أهداف الثورة الشعبية. فاليوم الخميس بدت نوايا الجنرال قايد صالح السياسية واضحة للعيان. فالآمر العسكري يؤكد أن « الرئيس المستقبلي سيكون سيفا على الفساد والمفسدين ». كيف لقائد الأركان أن يعلم بنوايا و برنامج الرئيس المستقبلي ؟ كيف له أن يعلم به سيفا أو دبابة أو ذبابة أو حمام سلام أو رأس حربة ؟ لا داعي للخوض في التحليلات. فقائد الأركان يعلم ما يصف. إن الرئيس الجديد الذي تنوي قيادة الأركان إخراجه من صناديق النظام القديم تمّ اختياره و هو الآن في قاعة الانتظار يتربّص ساعة الإجهاز على إرادة الشعب. الرجل له اسم و لقب و برنامج مسطّر لا يعلمه إلا الله سبحانه و ربّ الدزاير الجديد.
قيادة الأركان تعوّل في انجاح مخطط تجديد النظام على بعض الأحزاب المعروفة بانتهازيتها السياسية. فهي على ما يبدو في أتم الاستعداد لحمل الحطب من أجل إحراق آمال الجزائريين في غد أفضل مقابل الحق في فتات السلطة. و طابور حمالة الحطب في توسع مما يجعل الثورة في خطر إن لم تتكاتف الجهود . و من هذا القبيل تبدو مبادرة قوى البديل الديمقراطي كطوق نجاة للثورة الشعبية و مشروعها الوطني.
إن انضمام كل الفئات الشعبية لقوى البديل الديمقراطي أمر استعجالي للميل بالكفة نحو التغيير الجذري للنظام و فرض موازين قوى تصب لصالح القطيعة مع النظام الفاسد. أي تخاذل و تراجع و تردد قد يرجع الجزائر إلى خانة ما قبل 22 فيفري و بكوارث أشد. الجزائريون و الجزائريات مطالبون بالانخراط الجماعي في صفوف قوى البديل الديمقراطي لإيصال الثورة المباركة إلى برّ الأمان و فرض مرحلة انتقالية تؤسس لجمهورية ديمقراطية اجتماعية عادلة يكون فيها الشعب سيد المراسيم.
لقد قال رئيس الأركان أن النوايا اتضحت و التوجهات تجلت، والبقاء للأصلح، والأصلح هو من أخلص النية لله والوطن والشعب. لقد صدق القول في هذه الجزيئية. لذلك يتوجب على الشعب الجزائري أن يبرهن عبر التحامه بقوى البديل الديمقراطي أن البقاء له لأنه الأصلح و أنه من الطينة الطيبة لهذا الوطن و يريد تحقيق حلمه في نظام ديمقراطي جديد يكفل له مكانة تحت شمس الحرية و العدالة الحقيقية كباقي الشعوب العظيمة.
أمياس مدور