كلما فتح ”مول الكيران“ فمه ، إجتاحت وجداني رغبة السفر بعيدا. و لو في ”بوطي“ من خشب. الله غالب، هكذا أنا و كثير ممّن يكرهون صوت ”مول الكيران“.
توقفنا في كم من محطة. و في كم من محطة، سمعنا ”مول الكيران“ ينادي بصوته الخشن ”اركبوا، اركبوا ، رانا رايحين للمستقبل الزاهر“. و ركب السذّج و من لا وجهة محدّدة لهم مع ”مول الكيران“. و انطلقت الحافلة إلى ”المستقبل الزاهر“. و سارت بسرعة جنونيّة في الطرق المتدهورة التي انجزها ”مول القودرون“ . و المميّز في حافلة ”مول الكيران“ أنّك لن تكاد تسمع إلا صوت المحرّك الذي ركّبه ”مول الخضرة“ و أغنية مازوني ”الجزاير راهي لاباس. رايسها، و لو ميت، عليها عسّاس“. و بعد مدّة، استقرّت الحافلة، و نزل المسافرون ليكتشفوا بلدة ”المستقبل الزاهر“، و كلهم طمع في أكل البانان بسومة معقولة، فوجدوا أنفسهم في محطة البداية و هي غارقة في القمامات و قيئ مرضى الكوليرا.
البارحة، كنت في محطة تبسة. و سمعت ”مول الكيران“ ينادي باعلى حنجرته ”اركبوا ،اركبوا، رانا راحين للمستقبل الزاهر“. خرجت من المحطة جريا . ركبت في سيارة أجرة ذاهبة إلى عنابة. قيل لي أنّ فيها ”بوطي من خشب“ ينطلق كلّ ليلة بشباب الجزائر إلى أوربا هروبا من جزائر ”مول الكيران“ و بلدة ”المستقبل الزاهر“.
أمياس مدور