يتعرض محسن بلعباس رئيس الإرسيدي لمضايقات سياسية وقضائية كبيرة، ويواجه حملةاعلامية قذرة لرفضه الخضوع لسياسة الأمر الواقع التي يريد فرضها مركز القرار المستولي على دواليب الحكم منذ فجر الاستقلال، و لعدم استعداده دخول بيت الطاعة والولاء رغم محاولات لا تعد ولاتحصى.
مراكز القرار السياسي الحقيقية التي فتحت غرفها العملاتية خارج نطاق الدستور لم تستطع مضغ فكرة تحرك حزب سياسي بحجم الارسيدي خارج نطاق املاءاتها. فهي اقتنعت منذ 1989 أن على القيادات الوطنية للأحزاب أن تكون حريم سلطان أو أن تسقط من الميزان وتواجه الطغيان. وهذا منطق رفضه محسن بلعباس ومقاربة لم يقبلها حزب الإرسيدي الذي ولد من رحم معارضة وطنية ديمقراطية أبطالها الأساسيون عشرات الالاف من المناضلين التي ضحوا بالنفس والنفيس والتعبئة المتجددة من اجل احداث تغيير المشهد السياسي والثقافي الوطني نحو الأفضل.
بدأت السلطة تحركها الشنيع ضد محسن بلعباس عندما وقفت على حقيقة مرّة مفادها بداية ظهور محسن بلعباس، المناضل الديمقراطي الشاب، في المخيال الشعبي الجزائري بصورة الوريث الأصيل لفكر ونضال ومشروع عبان رمضان.
على خطى مهندس الثورة الجزائرية، عمل محسن بلعباس على جمع كل القوى الحية للأمة التي لا تسبح في فلك منطق التعايش الاستراتيجي مع النظام القائم والمؤمنة بمبدأ أولوية المدني على العسكري والمقتنعة بضرورة احداث تغيير جذري في المنظومة السياسية القائمة في البلاد بما يضمن قيام دولة قانون وعدالة مستقلة وفضاء وطني واضح في معالمه الديمقراطية وطابعه الجمهوري وعدله الاجتماعي وتنوعه الثقافي والاديولوجي.
السلطة القائمة منزعجة من بروز اطارات شبانية متمكنة في حزب الارسيدي وقادرة على تطوير رؤاها في أشهر البلاطوهات الإعلامية وقدرتها على الرد بالمختصر المفيد على خزعبلات عجائز النظام في أغلب النقاشات العامة.
إن عملية تشبيب القيادة الوطنية للارسيدي التي سهر على تجسيدها محسن بلعباس منذ توليه الرءاسة أتت أكلها. شباب مثقف وواعي من طراز نسيم ياسع ومراد بياتور وغيرهم كثر هي درر نادرة، بل قامات سياسية ثمينة لا مثيل لها في صفوف أحزاب السلطة. لهذا نرى السلطة التي لم تجد سوى شيخا تسعينيا هرما لتولي منصب ثاني رجل في الدولة وسبعينيين على مشارف فقدان الوعي لملأ الفراغات المؤسساتية، تتكالب على الإرسيدي ورئيسه كي لا تظهر عورة افلاسها في تجديد طاقاتها البشرية للملأ.
إن نجاح محسن بلعباس في وضع الإرسيدي على سكة التاريخ وفاعلية تحركه السياسي لإعطاء محتوى وتطلعات للثورة الشعبية القائمة والتوفيق في رسم خارطة طريق واضحة للمسار الذي يجب أن تسلكه الأمة للولوج نحو دولة القانون، معالم ووقفات تجعل من الرجل مهندسا للثورة الديمقراطية القائمة كما كان عبان بالأمس مهندسا لثورة التحرير، وإسما يحفظه التاريخ في سجل الوطنيين المخلصين لتضحيات وتطلعات شعبهم. ولهذا تجد محسن بلعباس رغم روع الهجمات قوة هادئة ومنتصب القامة لأنه يؤمن بما قاله الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي : إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر، ولابد لليل أن ينجلي، ولابد للقيد أن ينكسر.
عبد الحميد لعايبي