منظمة “هيومن رايتس ووتش” تنشر تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان في الجزائر

تطرقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية (HRW)، في تقريرها السنوي الصادر يوم الثلاثاء الماضي، إلى وضعية حقوق الإنسان في حوالي 100 دولة خلال السنة المنصرمة، من بينها الجزائر التي شهدت في 2019 “أكبر وأطول مظاهرات مناوئة للحكومة منذ استقلالها في 1962″حسب المنظمة.
يركز التقرير بشكل خاص على المظاهرات التي شهدتها الجزائر خلال السنة الماضية، و المستمرة منذ 22 فيفري 2019 ، مشيرا أن احتجاج الجزائريين كان في البداية على محاولة إعادة انتخاب الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة ، قبل أن ينتقلوا، عقب استقالته، إلى المطالبة بـ”حكم أكثر ديمقراطية”.و أضاف ان بعد استقالة بوتفليقة، أصبح رئيس “مجلس الأمة” عبد القادر بن صالح رئيسا بالنيابة، بينما تسلم الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، زمام السلطة الفعلية. و حدد يوم 4 جولية موعدا جديدا للانتخابات الرئاسية، قبل أن يؤجَّل إلى 12 ديسمبر. و مع استمرار الاحتجاجات، عمدت السلطات في ردها إلى “تفريق المظاهرات السلمية، واعتقال المتظاهرين تعسفا، ومنع الاجتماعات التي تنظمها المجموعات السياسية والحقوقية، وحبس المنتقدين”.
في السياق نفسه، وعلاقة بحرية التجمع، يسجل المصدر أنه “في الوقت الذي انتظمت احتجاجات أسبوعية كبيرة مناوئة للحكومة، انتشرت قوات الشرطة بشكل مكثف في شوارع العاصمة وساحاتها وعند نقاط التفتيش”. و اشار التقرير الى إعتقال 86 شخصا بين جوان و اكتوبر بسبب رفع الراية، و وجهت لهم تهمة “المساس بسلامة وحدة الوطن”، بموجب المادة 79 من قانون العقوبات، استنادا لما ذكرته “اللجنة الوطنية للإفراج عن  المعتقلين”. و بحسب ذات المصدر فإن السلطات “اعتقلت مئات المتظاهرين السلميين ثم أفرجت عن أغلبهم دون تهم بعد ساعات قليلة”، غير أنها “في نفس الوقت حاكمت وحبست العشرات”.
في الشق المتعلق بحرية التعبير، سجل هيومن رايس اعتقال عدد من الأشخاص، من بينهم الناشط حاج غرمول (37 عاما)  المحكوم عليه في 7 فيفري 2019، بالحبس عشرة أشهر بتهمة “إهانة مؤسسات الدولة” بعد أن نشر صورة لنفسه وهو يحمل لافتة قرب مدينة معسكر شمال غرب البلاد تعبيرا عن معارضته للعهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة. 
و تطرق ذات التقرير الى تفاصيل إعتقال العديد الشخصيات كالناشط السياسي المعارض كريم طابو ، و لويزة حنون، زعيمة “حزب العمال”، و كذا لخضر بورقعة ، و هو “محارب قديم بارز في حرب الاستقلال الجزائرية”، اعتقلته الشرطة في 30 جوان، وذلك “بعد أربعة أيام من تصريح في اجتماع عام بث لاحقا في يوتيوب بأن الجيش الجزائري عبارة عن مجموعة من المليشيات”. و قد وجهت له تهمة “إضعاف معنويات الجيش”.
مما يسجله التقرير أيضا انه ” في 19 أوت، رحلت السلطات أحمد بن شمسي، المسؤول في “هيومن رايتس ووتش”. و صادرت السلطات جوازي سفر بن شمسي لمدة عشرة أيام بعد أن اعتقلته يوم اوت قرب مظاهرة في الجزائر، واحتجزته عشر ساعات. صادرت السلطات هاتفه الخلوي وحاسوبه المحمول، وأعادتهما له عند ترحيله. و قالت هيومن رايس ان بن شمسي كان في زيارة للجزائر لرصد أوضاع حقوق الإنسان.
يشير المصدر كذلك ان السلطات طردت  العديد من الصحفيين الدوليين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات. في 31 مارس ، “طرد طارق عمارة، صحفي في “رويترز” يحمل الجنسية التونسية، بعد أن احتُجز بسبب تغطيته لاحتجاجات 29 مارس ضدّ بوتفليقة. كما أُجبر آيمريك فانسينو، مدير مكتب “وكالة فرانس برس”، على مغادرة البلاد يوم 9 أفريل، بعد أن رفضت السلطات تجديد أوراق اعتماده”.
بشأن وضعية المهاجرين وطالبي اللجوء، سُجل أنه  منذ ديسمبر 2016 على الأقل، اعتقلت  الجزائر وطردت آلاف المهاجرين من جنوب الصحراء بشكل جماعي، منهم نساء وأطفال. ذكرت تقارير أن السلطات الجزائرية طردت خمسة آلاف شخص تقريبا في النصف الأول من 2019، أغلبهم من نيجيريا.
و في الشق المتعلق بحرية الدين ، قالت هيومن رايس وتش ان  السلطات الجزائرية فرضت عقوبات على أعضاء الطائفة الأحمدية، التي تمارس شعائر إسلامية مختلفة عن الشعائر المتعارف عليها رسميا، و حسب التقرير “لا يمكن تنظيم عبادة جماعية لغير المسلمين إلا من طرف منظمات دينية مرخّصة من الحكومة. قالت الكنيسة البروتستانتية الجزائرية إن السلطات أغلقت حتى السنة المنتهية في أكتوبر 2019 تسعا من كنائسها بسبب عدم حصولها على تراخيص أو عدم جاهزيتها لاستقبال الجمهور”.
وو في الأخير، ذكر التقرير ان السلطات رحلت البرلمانية الفرنسية ماتيلد بانو وثلاثة مواطنين فرنسيين آخرين في 2 أكتوبر بعد أن قدموا إلى بجاية للتعبير عن مساندتهم للمتظاهرين. أدانت السلطات “التدخل الأجنبي والتعدي على السيادة الجزائرية”. و في 13 سبتمبر، أدانت ماري أرينا، رئيسة “اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي” “الاعتقالات التعسفية”، وطالبت بالإفراج عن “السجناء السياسيين” في الجزائر. وفي 30 سبتمبر، أصدر البرلمان الأوروبي بيانا سلط فيه الضوء على “أهمية ضمان حرية التعبير والتجمع” للجزائريين، دون أن يدين موجة الاعتقالات وقمع المعارضين بصفة عامة.   
مهني عبدالمجيد