لخضر بورقعة و لويزة حنون : منسيّو صفقة خدّام خريطة طريق السلطة الجدد

“دعوة العدالة إلى دراسة إمكانية إخلاء سبيل الأشخاص الذين تم اعتقالهم لأسباب لها علاقة بالمسيرات الشعبية” ، “النظر في إمكانية تخفيف النظام الذي وضعته الأجهزة الأمنية لضمان حرية التنقل، حالما لا يؤثر ذلك على مستلزمات الحفاظ على النظام العام و حماية الأشخاص و الممتلكات أثناء هذه المسيرات” و  “الحث على العمل لاتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وصول جميع الآراء إلى وسائل الإعلام العمومية من خلال تنظيم مناقشات يتم فيها تبادل الحجج، تكون مفتوحة لجميع أشكال التعبير السياسي دون إقصاء”.

هذه مجمل ما حمله خُدّام خريطة طريق السلطة الجُدد في قفّتهم للشعب الثائر عند خروجهم من اللقاء الحميمي مع رئيس الدولة عبد القادر بن صالح.

عبد القادر بن صالح الذي يتربّع على عرش النظام بلا أدنى سند قانوني أو دستوري وافق على مبدأ رفع سمّاعة الهاتف لأمر القضاة باطلاق سراح الشباب المعتقل في المسيرات. و في هذا اعتراف علني بكون قضية شباب الرايات قضية سياسية تستلزم قرارا سياسيا.

السلطة التي وضعت أصابعها في أذانها و استغشت ثيابها و أصرت و استكبرت استكبارا أمام ملايين الجزائريين و الجزائريات و آلاف المحامين و المحاميات و عشرات الأحزاب و المنظمات التي تطالب منذ أسابيع و شهور بضرورة اطلاق سراح المعتقلين السياسيين و رفع عصي القمع من على رؤوس المتظاهرين و فتح الاعلام أمام السياسيين، نعّمت أظافرها في دقائق و استجابت للمطالب نزولا عند رغبة خُدّام خريطة الطريق مع الأمل في انجاح هذا الفريق لخطة حضرة الفريق.

بيان رئاسة الدولة حصر عمليّة الافراج السياسي على معتقلي المسيرات دون غيرهم. قائد جيش التحرير لخضر بورقعة و الأمينة العامة لحزب العمّال اللذان لم يتم اعتقالهما في المظاهرات غير معنيان بالصفقة المبرمة بين السلطة و خُدّامه الجدد. لا السلطة الممثلة في أبرز الباءات المطلوبة شعبيا أرادت الخوض في مصيرهما و لا خدّام خريطة طريق السلطة الجدد الذين يفتقرون للعهدة الشعبية أصرّوا في الكلام عنهما.

لقاء اليوم بين السلطة و خدّامها الجدد قد يفرج في الساعات أو الأيام القليلة القادمة عن غبن أمهات المعتقلين الشباب. و لكن لن يحدث تغييرا في المشهد السياسي الوطني. الحوار الوطني الذي يسعى خدّام السلطة الجدد تسويقه لن ينجح لأنه يحمل في ثناياه أسباب فشله. المبادرة لا تُترجم بتاتا مطلب الشعب الجزائري الأساسي و الوحيد و المتمثل في رحيل جميع رموز النظام الفاسد قبل الخوض في أي مسار سياسي يضع أسس نظام جمهوري جديد لا يربطه أي خيط بالنظام البائد. مبادرة الحوار الوطني المغلفة في ثوب الشفافية و النزاهة ترمي أساسا، في نظر أغلب الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين،  إلى انتخاب، بل تعيين رئيس جمهورية جديد يسمح بتمديد النظام و إعادة ترتيب بيته.

إنّ الاعتراف الرسمي بالطابع السياسي لملف معتقلي الرايات الأمازيغية يعتبر في نظر الكثير انتصار آخر للثورة الشعبية و انهيار حائط آخر من مبنى النظام المتآكل. مواصلة المسيرات و تجديد التعبئة من أجل نظام جمهوري جديدعبر مسار انتقالي مؤسس هو المخرج الوحيد من المأزق السياسي التاريخي الذي تتخبط فيه البلاد. غير ذلك ترقيعات لا تغني و لا تسمن من جوع. و الشعب الجزائري الحرّ واع بهذا الأمر.

أمياس مدور