قيادة الجيش وضعت رسالة الشعب في مهبّ الريح

لقد أتى خطاب رئيس الأركان الذي ألقاه في قسنطينة بما كان يخشاه الشارع. فقيادة الأركان قرأت منذ الوهلة الأولى رسالة الشعب بطريقة خاطئة و منه جاء الفهم مخالفا للواقع.رغم أن الشعب نطق بلغة جزائرية محضة : ” يتنحّاو قاع”.

منذ شهرين، يصرخ الصبّي و البالغ من العمر عتيّا،  والمرأة و الرجل، بصوت مدوّ و أحادي النغمة : ” إرحل يا بن صالح، و دّي معاك قايد صالح”. المطلب واضح ، و ترجمته وسائل الإعلام الوطنية و العالمية لكل اللغات. و كل ما عليها فهم الرسالة … إلّا قيادة أركان الجيش التي لم تسمع سوى ” ضرورة محاسبة الفاسدين”.

صحيح أن الشعب يطمح إلى محاكمة سالبي ثرواته الوطنيّة. صحيح أنّه يحلم برؤية أحمد أويحيى مشتاق لعلبة ياوورت في زنزانة الحراش. و لكن الشعب يريد محاسبتهم عبر عدالة عادلة، مستقلّة و في ضل جمهورية جديدة يكون فيه استقلال القضاء حقيقة قانونية .

الشعب يريد رحيل النظام و تفكيكه و بناء نظام جديد يسع كل الجزائريين. القايد يريد بقاء النظام و محاسبة من يروق له من العُصبة المقابلة. فالشعب و القايد يسيران نحو هدفان مختلفان. الأوّل يصبو لانجاح الثورة و الثاني للالتفاف حول الثورة.

خطاب القايد صالح وضع كل الشعب أمام مسؤوليته التاريخيّة و ضع رسالته الجوهريّة في مهبّ الريح. فقد ظهر رئيس الأركان بكل تفاصيله كمهندس لإعادة إعمار النظام المنهار. و وجوب تنظيم الحراك أصبح ضرورة ملحّة لمواجهة مخطّطه. أي تقاعس قد يقتل الثورة التي أبهرت العالم و أحيت آمالا وطنية حسبناها، قبل 22 فيفري، راحلة إلى يوم الدين.

أمياس مدور