أنهت قوى البديل الديمقراطي أشغال الاتفاقية الوطنية المنعقدة هذا الاثنين 09 سبمبر بالمقر الوطني للإرسيدي بالمصادقة على بيان ختامي أكدت فيه رفضها للرئاسيات. و وجهت نداءا للجزائريين و الجزائريات ” للإنخراط في مسار تأسيسي سيد عن طريق إنشاء تنظيمات ذاتية على شكل أطر ولجان قاعدية على المستوى الوطني , يتوج باعطاء الكلمة للشعب لكي يختار شكل ومضمون المؤسسات التي يريد وضعها لتلبية كل مطالبه وتطلعاته على مجمل الميادين”.
نبيلة براهم
البيان الختامي:
الاتفاقية الوطنية لقوى البديل الديمقراطي من أجل العقد السياسي للانتقال الديمقراطي و المسار التاسيسي السيد
لقد أدّت محاولة السلطة في فرض عهدة خامسة للرئيس المخلوع إلى دخول الجزائر في مسار ثوري شمل ربوع الوطن وجاليتنا بالخارج يوم 22 فيفري الفارط. مسار توّج كلّ النّضالات السابقة والمتواصلة للشعب الجزائريّ ضدّ نظام سياسيّ تسلطي قام بمصادرة سيادته على مصيره بعد أن قدّم النفس والنفيس في سبيل الظفر بها.
مع دخول إجتماعي متوتر , نحن , موقعوا الإتفاق من اجل البديل الديمقراطي المتجندون مع الخيار الشعبي , نحيي المئات الألاف من الجزائريات والجزائريين, لاسيما الشباب و النساء, الذين واصلوا التعبئة خلال الفترة الصيفية ,كما نعبر عن دعمنا وتضامننا مع النضالات الإجتماعية والنقابية المعارضة لخيارات النظام وتوجهاته الإقتصادية والاجتماعية المسببة لكل الكوارث الاجتماعية , كالبطالة والتهميش والحرقة المهددة للانسجام الاجتماعي, و كذلك المنتجة للأزمة في مجمل القطاعات . و لهذا يبقى مسعى بناء دولة ذات طابع اجتماعي شرط اساسي لضمان الفعلي لكل الحقوق الأساسية من بينها الحق في الصحة, في التعليم,في السكن, في العمل,في التنمية…
إنّ هذا الوضع لم يكن إلا نتيجة لطبيعة النظام غير الديمقراطية .نظام سياسيّ كانت آخر إهتماماته تنمية البلاد سواء على الصعيد البشريّ أو السياسيّ أو الاقتصاديّ. تمظهر كل هذا في النهب الممنهج لثروات الشعب لصالح أقلية متنفّذة سياسيا واقتصاديا، وفي إفساد العمل السياسي بالقمع و المال والتزوير، وفي الاعتداء على حقوق المواطنين وتعميم الزبونية داخل الادارة والرشوة في الاقتصاد، وفي تكريس الفوارق الاجتماعية والجهوية .لذلك فلن يجد النظام أيّ إمكانية للتّسوية أمام مطامح الشّعب الجزائريّ الذي يضع مسألة سيادته في قلب المطالب المعبّر عنها في مساره الثوري ,التي لن تتجسد إلّا برحيل النظام ورموزه والقطيعة مع ممارساته ,كشرط جوهري لتكريس الديمقراطية ودولة الحق القانون والعدالة الاجتماعية .
تسجل قوى البديل الديمقراطي تماشيا مع غالبية الشعب بمساره الثوري, أنّ الادعاءات الراهنة للسلطة حول إمكانية وضع أسس “لحوار” وطنيّ بغرض إجراء انتخاباتها الرئاسية ,تكذّبها ممارساتها الوفية لطبيعة النظام التي تعمل على ديمومته .فعشرات الجزائريين لا يزالون قيد الاعتقال التعسفيّ بسبب آرائهم أومواقفهم السياسية، حريّة التعبير والتنقل غير محترمة، الإعلام بشقيه العمومي والخاص خاضع لإملاءات السلطة.
تجدد قوى البديل الديمقراطي رفضها لأجندة الانتخابات الرئاسية المطروحة من قبل السلطة , وذلك في تناغم مع العزيمة الصلبة التي ابداها الشعب الجزائري من اجل التغيير الديمقراطي الجذري الذي يكرس سيادته الكاملة. في حين تحاول السلطة جاهدة الحفاظ على النظام عن طريق فرض خيار هذه الانتخابات بالقوة .يظهر ذلك في خطابات قائد الاركان الملقاة من الثكنات , والقائمة على التهديد والتخوين في حق من يحمل خيار السيادة الشعبية عن طريق المرور بمسار انتقالي ديمقراطي سيد و الذي يكرسه مسار تأسيسي سيد يهدف الى تفكيك النظام الحالي و وضع اسس لبناء جمهورية جديدة تصون كل الحقوق و الحريات.
إنّ مطلب التغيير نحو دولة الحقّ والقانون القائمة على الشرعيّة الديمقراطيّة المرتكزة على سيادة الشعب، يتطلّب مناخا سياسيا جديدا يتنافى مع ما تريد أن تفرضه سلطة النظام الحالي .وسيقتضي الدخول الضروري و الفوري في مرحلة إنتقالية ديمقراطية تدار بها الدولة على منطق جديد عبر مسار تأسيسي سيد يعبر عن المطامح الديمقراطية والاجتماعية للشعب الجزائري. سيكون رحيل النظام برموزه المؤشر الأول للانطلاق قدما في المرحلة الجديدة. فالشعب الجزائري يرفض بناء الجديد بأدوات القديم وكذلك بإشراك من تلطخت يداه بدماء الجزائريين وبالقمع والفساد؛ سواء عن طريق اقترافهما، أو عن طريق منح الغطاء السياسي لهما.
إنّ السّقف الجمهوري الديمقراطيّ الرافض لأيّ مساومة مع النظام الرّاهن. الذي بدأ في زعزعة أركانه الشعب الجزائريّ عبر مساره الثوري . سيشكّل أفق النقاش الوطني للذهاب إلى ندوة وطنية تضطلع بها كل فعاليات المجتمع لترسم معالم المرحلة الانتقالية الديمقراطية بتفكيك النظام و التخلص من ممارساته , و ترسانته القانونية القمعية ,و نظام الامتيازات بتمظهراته السياسية والاقتصادية . لذلك على المرحلة الانتقالية الديمقراطية أن تكون قادرة على ازالة كل العراقيل التي تحول دون تكريس السيادة الشعبية ,لتضع الجزائر في سكة التقدم بمختلف أبعاده السياسية والاقتصادية والحقوقية والثقافية.
تتطلب مرحلة إعادة التأسيس بناء قضاء مستقل، وهي الآلية الأساسية لتكريس دولة الحقّ والقانون الديمقراطية ضد منطق استتباع القضاء لتقلّبات السياسة والمصالح المنضوية وراءها، والذي نراه يأخذ أكثر أشكاله تعسفا منذ بداية الثورة. فاستقلال القضاء سيوفر شروط بناء الجديد بعيدا عن عقلية الحقرة والانتقام وتصفية الحسابات .
إنّ منطق تكييف القوانين والمؤسسات والدّولة برمّتها مع متطلّبات سيادة الشّعب الجزائري، سيكون العمل الأساسيّ الذي ستتكفّل به المرحلة الانتقالية الديمقراطية. ستكون مرحلة إعادة تأسيس بامتياز.تأسيس مآله ترجمة رغبة الشعب الجزائريّ المعبر عنها في مساره الثوري وعبر كل محطّات كفاحه من أجل الحرّية والعدالة، بدولة مدنيّة ديمقراطيّة واجتماعيّة تقوم على تجسيد وحماية جميع الحقوق الحريات .
إنّ قوى البديل الديمقراطي بتبنيها لحلّ القطيعة مع النظام تجدد تمسكها بالعقد السياسي المصادق عليه يوم26 جوان 2019, وتسعى على بعث مسار تأسيسي سيد من أجل جمهورية تقوم على ضمان وتكريس :
– الوحدة و السيادة الوطنية و رفض كل اشكال التدخل الأجنبي.
-جميع الحريات الفردية والجماعية بما فيها الحريات النقابية و الحق في الاضراب ,التعبير, التنظيم ,التظاهر,المعتقد,الضمير…….إلخ
-إحترام حقوق الإنسان ,والاتفاقيات الدولية المكرسة لها
-الفصل وضمان التوازن الفعليين بين السلطات ,وهي القاعدة الاساسية لبناء دولة الحق والقانون الديمقراطية
-الإستقلال الفعلي القضاء
-عدم توظيف الدين,التراث ورموز الامة لأغراض سياسية
-عدم إستعمال العنف بمختلف أشكاله للوصول وممارسة السلطة والبقاء فيها ,والتداول السلمي عليها
-انتخابات حرة ونزيهة وشفافة
-التصريح وحده في تأسيس الجمعيات والنقابات والأحزاب
-وضع آليات الرقابة الشعبية على المنتخبين على كل المستويات
-ضمان الدولة للحقوق الإجتماعية والاقتصادية للمواطنين
-السيادة الشعبية على ثروات البلاد
-إسترجاع أموال وممتلكات الشعب المنهوبة
– دور الدولة في تسيير التنمية الوطنية وفي القضاء على الفقر والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والجهوية
-المساواة في الحقوق بين المواطنين لاسيما بين الرجل والمرأة أمام القانون و إلغاء كل القوانين التي تكرس التمييز.
– المساواة الفعلية بين اللغتين الوطنيتين والرسميتين العربية والأمازيغيةتبقى قوى البديل الديمقراطي عازمة على العمل في إطار جامع. وستظلّ منفتحة على جميع الجزائريين ,وعلى التنظيمات من أحزاب، وجمعيات، وتجمعات، وشخصيات سياسية، للوصول بمشروع المواطنة إلى منتهاه، أي إلى دولة الحق والقانون الديمقراطية .
توجه قوى البديل الديمقراطي نداءها إلى كافة الجزائريات والجزائريين, للإنخراط في مسار تأسيسي سيد عن طريق إنشاء تنظيمات ذاتية على شكل أطر ولجان قاعدية على المستوى الوطني , يتوج باعطاء الكلمة للشعب لكي يختار شكل ومضمون المؤسسات التي يريد وضعها لتلبية كل مطالبه وتطلعاته على مجمل الميادين.
و هذا السياق تثمن قوى البديل الديمقراطي التحاق ممثلين جدد من المجتمع المدني و من بينهم ممثلين عن الجالية الجزائرية في الخارج المنخرطين في الحراك الثوري.
أمام مظاهر تفسّخ النّظام القائم، ندعو الشّعب الجزائريّ للإلتفاف حول إ مبادرتنا وإلى تسلّم أدوات إختياره الحر من اجل تقرير مصيره.
إننا أمام لحظة حاسمة ومصيرية .الشعب الجزائريّ وريث إحدى أكبر ملاحم القرن الماضي، قادر على إعادة كتابة صفحة أخرى من تاريخه الغنيّ، ليعبّد طريقا جديدا نحو الحرية ,يسير عليها هو وكل الشعوب التائقة إليها.
تحيا الجزائر حرة ديمقراطية
والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار
الجزائر, 9 سبتمبر 2019