قايد صالح يرفض بناء جمهورية جديدة وفق مقاييس مخالفة لتلك التي حدّدتها العصابة، و الديمقراطيون يتكتّلون

يستعد الشعب الجزائري للخروج في جمعة صمود أخرى تختم الشهر الرابع للثورة الشعبيّة دون التوصّل إلى إركاع النظام الفاسد المخلّ بمصالح الأمّة. و مرّة أخرى يخرج رئيس الأركان بعباءة السياسي المتعنّت ليعبّر عن رفضه لحلم الشعب في مرحلة انتقاليّة ديمقراطيّة تؤسّس لنظام جديد عنوانه القطيعة مع سياسات الفساد و التزوير و النهب. أمام تعنّت رئيس الأركان على إحياء نظام بائس بذريعة احترام دستور وضعته قوى الفساد على مقاسها، و تقيّأه الشعب بكل مكوّناته في 17 مليونية، أتت مبادرة التكتّل الديمقراطي للمساهمة في دفع الثورة الشعبيّة إلى الأمام و تقويّة عظمها للصمود أمام ضربات الثورة المضادة.

في يوم خرج فيه الطلبة بحشود كبيرة للتعبير عن رفضهم لانتخابات رئاسية يراد تنظيمها وفق ترتيبات دستورية و قانونية و تحت اشراف رجال فاسدين لم يفلحوا في سيرتهم السياسية إلّا في التزوير الانتخابي، جدّد الفريق أحمد قايد صالح عزمه على السباحة ضد التيار الثوري و التعرّض لسلطة الشعب و الوقوف بالند أمام إرادته في التغيير الجذري للنظام. و وفاءا لخطابات النظام البائد، فتح رئيس الأركان النيران الكثيفة على ملايين المعارضين لخيار الانتخابات الرامية لرسكلة النظام الذي قاد البلاد إلى المأزق السياسي و التاريخي الذي تتخبط فيه. و اتّهم قايد صالح الذين يدعون لمرحلة انتقالية تسيّرها شخصيات وطنية نزيهة و ذات ثقة شعبية، برغبة ادخال البلاد، حسبه، في نفق مظلم اسمه الفراغ الدستوري لبناء دولة بأفكار ومقاييس أخرى. و قال بصريح العبارة : “هل يدرك من يدعي عن جهل أو عن مكابرة وعناد أو عن نوايا مبهمة الأهداف، نعم نوايا مبهمة الأهداف، بأن سلطة الشعب هي فوق الدستور وفوق الجميع، وهي حق أريد به باطل، كونهم يريدون عن قصد تجاوز، بل تجميد العمل بأحكام الدستور، قلت هل يدرك هؤلاء أن ذلك يعني إلغاء كافة مؤسسات الدولة والدخول في نـفـق مظلم اسمه الفراغ الدستوري، ويعني بالتالي تهديم أسس الدولة الوطنية الجزائرية والتفكير في بناء دولة بمقاييس أخرى وبأفكار أخرى وبمشاريع إيديولوجية أخرى، تخصص لها نقاشات لا أول لها ولا آخر، هل هذا هو المقصود؟ فالجزائر ليست لعبة حظ بين أيدي من هب ودب”.

في وقت يتجاهل فيه رئيس أركان الجيش تطلّعات الشعب و يواصل فيه المراوغات السياسية و المناورات و المغالطات المقصودة من أجل انقاذ الجزء الأهمّ من النظام و يعارض فيه بلا هوادة فكرة بناء جمهوريّة جديدة وفق مقاييس أخرى و بأفكار أخرى غير تلك التي أسّست لها العصابة الحاكمة منذ 1962 ، تكثّف الجبهة الثوريّة المبادرات السياسيّة لرسم خريطة طريق و بناء مؤسسات ثوريّة قادرة على مواجهة الثورة المضادة و إيصال سفينة ثورة التغيير الجذري للنظام إلى برّ الأمان.

فبعد تحرّك فعاليات المجتمع المدني، جاء أمس الثلاثاء دور سبعة أحزاب سياسيّة  دخلت في تكتّل لإعطاء بصيص أمل آخر للشعب الجزائري عبر نداء موجّه ل« قوى البديل الديمقراطي » للانضمام إلى مبادرة للتشاور والحوار من أجل الانتقال الديمقراطي في الجزائر.

و في بيان نشره أمس، إعتبر التكتل  “أن السلطة الحالية، ليست على استعداد لفهم المعنى العميق لثورة الشعب السلمية غير المسبوقة منذ الاستقلال، وتستمر في عنادها وإنكارها للواقع، بل اتخذت خيار التعفن والتلاعب”. و أضاف أن “تجمّع قوى البديل الديمقراطي هو الوحيد القادر على ترجمة هذا الطموح الشعبي العميق بأمانة، إنّه من غير المجدي الاعتقاد بوجود مخرج سليم لهذه الأزمة في ظل الوضع الحالي، فلا السلطة ولا آلياتها المختلفة قادرة على تشكيل بديل”.

و قال البيان أن “الانتقال الديمقراطي ليس خياراً، بل ضرورة وحتمية … من المستعجل اليوم، وضع حل سياسي طموح، معقول وقابل للتحقق، بعيدًا عن كل الحسابات الضيقة، بهدف وضع حد لهذا النظام الديكتاتوري وتغييره جذرياً من أجل دفع البلاد من وضع دستوري تجاوزه الزمن، إلى وضع ديمقراطي”.

و حدّد التكتل يوم 26 جوان 2019 كموعد للاجتماع الأول من أجل التشاور والحوار ، مجددا دعوته “للفاعلين والجهات السياسية الأخرى الفاعلة، والنقابات المستقلة، والمنظمات الممثلة للمجتمع المدني، وكذلك الشخصيات الوطنية المستقلة، والجالية الجزائرية بالخارج، للانخراط في هذا النداء، والانضمام إلى مبادرة التشاور والحوار هذه دون شروط مسبقة”.

ووقع على البيان كل من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، حزب العمال، حزب جبهة القوى الاشتراكية، الاتحاد من أجل التغيير والتقدم، الحركة الديمقراطية الاجتماعية، الحزب الاشتراكي العمالي، الحزب من أجل العلمانية والديمقراطية و بن يسعد نور الدين رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.

نبيلة براهم