في ندوة صحفية : رئيس الإرسيدي يقصف، بالثقيل، رئيس الأركان و يقدّم الحلول الضامنة للقطيعة

نشط رئيس الإرسيدي، صبيحة اليوم الأربعاء، ندوة صحفية في مقر الحزب، تطرق فيها بلسان حاد لما جاء به رئيس الأركان، الفريق أحمد قائد صالح، الذي تجرّأ باقتراح تفعيل المادة 102 من الدستور لضمان مواصلة النظام القائم.

و تساءل رئيس الارسيدي عن المرجعية القانونية التي سمحت لرئيس أركان الجيش الزج بنفسه في مسائل سياسية ليست من اختصاصه. ” إن الفريق قايد صالح ليس بالقائد الأعلى للقوات المسلحة. و عليه، هناك نوع من انتحال الوظيفة. إن القانون لا يسمح له بإصدار مثل هذه التصريحات”، يقول محسن بلعباس الذي يرى في هذه التصريحات ” عملية تسميم و تلويث للحالة السياسية”.

و واصل محسن بلعباس انتقاداته اللاذعة لنائب وزير الدفاع بقوله : ” في بلد ديمقراطي عادي، يتم إقالة رئيس الأركان على الفور لأن ما صدر منه انحراف خطير و تجاوز غير مقبول لصلاحياته”.

 و في قراءته لمقترح تفعيل المادة 102، رأى رئيس الإرسيدي أن الإجراء تجاوزه الوقت بكثير. و كان هذا المخرج مجديا عندما اقترحه الإرسيدي منذ سنوات. أما الآن، فالمادة الوحيدة التي تصلح للخروج من المأزق هو العودة إلى المادة 07 التي تقرّ أن مصدر السلطات هو الشعب. ” و الشعب قد فعّل هذه المادة في الشارع. و ما على السلطة إلا بالانصياع لها”، يقول رئيس الحزب.

و في بداية المؤتمر الصحفي، قدّم رئيس الإرسيدي حزمة الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل ضمان تحقيق قطيعة كاملة عبر انتقال سلس و آمن. ( النص الكامل للمقترحات مدرج في آخر هذا المقال ).

نبيلة براهم

القطيعة بالانتقال الديمقراطي

إلغاء انتخابات 18 أفريل 2019 هو إسدال الستار على حقبة من الحكم التسلطي، استغل فيها تعطش الشعب الجزائري للسلم بعد عشرية من الإرهاب الدموي. وبعد أن سلب النظام السياسي من الشعب انتصاره على الإرهاب، مثلما سلب منه انتصاره على الاستعمار، عمل كل ما في وسعه لمحو المعالم وتدمير كل المقوّمات اللّي تضمن لنا العيش المشترك في ظل التسامح والتعاون.

تعتبر حركة 22 فيفري بمثابة همزة وصل بين شباب ذاقوا ويلات الحڤرة وقمع الحريات والنهب المكشوف للثروات الوطنية وتهميش الجزائر العميقة وإقصائها من صنع القرار منذ أولى أيام الاستقلال.

لقد تبيّن للجميع أن التعبئة والمطالب الشعبية المعبّر عنها لا ترمي إلى فرض تيار سياسي يحمل إيديولوجية بعينها. وما يدل على ذلك أيضاً التعددية اللّي يتميز بها الحراك الشعبي. وهو تعبير جماعي عن الرغبة في العيش في كنف الحرية والعدالة والتقدم وفي نظام سياسي تكون فيه المنافسة السياسية الشفافة قاعدة لاعتلاء مناصب المسؤولية والتداول عليها. تلكم هي الانطلاقة الجديدة التي تقدّم بها الأرسيدي في المسار الذي قاد إلى اجتماع مزفران.

المطلوب إذن هو الاستجابة لهذا المطلب.

ليس من حق أي وطني نزيه وصادق الإدعاء بأن حجم التعبئة ومحتوى المطالب المعبّر عنها جماعياً تتلخص في جملة من الاصلاحات يصيغها ويشرف عليها نظام منبوذ شعبياً، إلا إذا كانت نيته تحريف الحركة عن مسارها وغايتها. وما هوش ثاني من حق أي وطني السعي لتزويد هذا الانبعاث الديمقراطي الفريد بأي قيادة كانت.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات، يعرض الأرسيدي على كافة القوى السياسية والقوى الحية وعلى كل الجزائريين والجزائريات، هذه الأجندة الخاصة ببحث السبل الكفيلة بتحقيق انتقال سلس نحو جزائر السلم والحرية والحداثة والتقدّم.

1– الشروط المسبقة
استقالة رئيس الدولة.
وقبل رحيله، يقيل الحكومة ويأمر بإجراءات حل البرلمان بغرفتيه، وكذا المجلس الدستوري.

 

2- خريطة طريق وهيئات انتقالية

الهيئة الانتقالية العليا

انتخاب هيئة عليا تتوفر على كل الوسائل لقيادة مرحلة انتقالية لأقصر مدة زمنية ممكنة.

تتكون هذه الهيئة من ثلاث (3) أشخاص ينبثقون حصرياً من المجتمع المدني. يتم انتخابهم من طرف أسلاك مهنية كبرى كسلك القضاة والتعليم العالي والنقابات المستقلة. ويكتسي سن المترشحين أهمية بالغة لكسب الثقة والمصداقية. بحيث يشترط أن يكون سن المترشح أقل من 60 سنة يوم الانتخاب.

بالاضافة إلى الوظيفة الرئاسة، يتعين على الهيئة أن تشرع في مشاورات مع ممثلي الأحزاب والنقابات والشخصيات الوطنية لإقناعها وبناء توافقات قصد تعبئة الجميع في العملية الانتقالية. تبادر الهيئة وتشرف على عملية انتقال الجيش وتحوّلها إلى مؤسسة من مؤسسات الدولة تابعة للحكومة المدنية على غرار بقية المؤسسات.

الدستور الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء يحدد بدقة مهامها وكذلك مهام الهيئات الأمنية الداخلية والخارجية. أما البوليس السياسي الذي يعتبر من خصوصيات الأنظمة الشمولية فيجب حلّه نهائياً. تتولى الهيأة العليا أيضا باسترجاع كل رموز وعناوين كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار وحفظها في الذاكرة الجماعية، كما يتعين عليها حل كل الهياكل المعروفة بالتهامها للميزانية العامة.

حكومة الخلاص الوطني

تتولى تعيينها الهيئة الانتقالية العليا. وتتكون من كفاءات وطنية تستثني أي شخص له ارتباط حزبي. مهمتها تصريف الأعمال. تسهر على ضمان أمن وسلامة الوطن من خلال تواجد شخصية مدنية فيها تشغل منصب وزير الدفاع الوطني. تعمل على ترقية الانفتاح الإعلامي وتضمن طابع الخدمة العمومية للقطاع.

الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات

تترأسها شخصية وطنية تتمتع بمصداقية تعيّنها الهيأة الانتقالية العليا. تستعين الهيئة بكل الكفاءات. تكون مستقلة عن الحكومة وتتوفر على كافة الوسائل لأداء مهمتها، ولإنشاء بطاقية انتخابية (القوائم الانتخابية) لا نزاع عليها وتحديد آليات اجراء الانتخابات من بدايتها إلى لحظة اعلان النتائج التي تكون من صلاحياتها. وتعمل أيضا على إعداد قانون انتخابات يعرض على الاستفتاء تزامنا مع مشروع الدستور.

لجنة الدستور الجديد

يتم تعيينها من طرف الهيئة العليا المستقلة. تكون مشكّلة من كفاءات وطنية معترف بها في الميدان (خبراء دستوريون، أساتذة، أعضاء في المجتمع المدني…)
تجري اللجنة مشاورات واسعة مع الاحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية… مهمتها تكمن في اقتراح إنشاء تنظيم للدولة ونظام سياسي مبني على التعددية الحزبية، وتوسيع نطاق الحريات وحقوق الانسان واستقلالية وتوازن السلطات المؤسّسة، غايتها السامية: ضمان التداول السياسي والديمقراطي على السلطة. على أن يولى اهتمام خاص بضمان استقلالية القضاء ووضع الجيش وكل أجهزة الأمن تحت الرقابة الديمقراطية.

مدة تحرير مشروع الدستور الجديد لا يجب أن تتعدى الشهرين.

الاستفتاء الشعبي الخاص بالمصادقة على الدستور الجديد والقانون الجديد للانتخابات
يُعرض مشروع الدستور الجديد والقانون الجديد للانتخابات للاستفتاء قبل نهاية جوان 2019.

لا يحق لأي عضو من أعضاء هذه الهيئات الترشح للانتخابات التعددية الاولى التي تلي المرحلة الانتقالية.

 

3– إجراءات تهدئة

إطلاق سراح كل سجناء الرأي. ولضمان فترة انتقالية هادئة، تمتنع الحكومة عن اتخاذ أي اجراء اقتصادي أو اجتماعي يكون له تأثير سلبي على القدرة الشرائية للشرائح الاجتماعية العريضة.

وضع ميكانيزمات انتقالية ملائمة لإعطاء الكلمة لضحايا التجاوزات والمآسي. إثر ذلك، ينبغي إيجاد الآليات المناسبة لتصليح الوضعيات وتهدئة الأمور.
بعد هذه المرحلة الانتقالية، وفي مسيرته نحو بناء جزائر حرة وعصرية ومتقدمة، بوسع الشعب الجزائري أن يجد طرقا وآليات لتجاوز المآسي التي عانى منها في تاريخه المعاصر.

 

4- الرجوع إلى السيادة الشعبية

في نهاية هذا المسار، توضع رزنامة انتخابية خاصة ببناء مؤسسات جديدة وانتخاب ممثلين عن الشعب في ظل نظام سياسي يكون فيه التداول على السلطة من صلاحيات الإرادة الشعبية. يكون انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية أكتوبر 2019. وتجرى الانتخابات الأخرى حسب ما تنص عليه مواد قانون الانتخابات الجديد. وهذا هو المغزى من الانطلاقة الجديدة.

الجزائر، في 27 مارس 2019
الأرسيدي