في مثل هذا اليوم من عام 1978، رفع الرحمان روح مؤسس الديكتاتورية في الجزائر المستقلة. في مثل هذا اليوم رحل رجل الإغتيالات السياسيّة و مدشّن حكم العسكر و زارع الموت و الخوف بين أوساط وطنيي الرعين الأول للثورة الجزائرية.
يشهد التاريخ أن تحت حكم هواري بومدين قُتل كريم بلقاسم، أول الملتحقين بجبهة القتال و موقّع اتفاقيات افيان، و محمد خيضر و غيرهم. و يشهد التاريخ أنه هو من سجن و عذّب المئات من الوطنيين المخلصين و المجاهدين الحقيقيين قبل أن يدفعهم للمنفى من أمثال حسين آيت أحمد و مجمد بوضياف. و هو من رمى بجثث العقيدين عميروش و الحواس في ظلمات زنزانة تحت الأرض لمدة فاقت العقدين.
في مثل هذا اليوم، رحل من همّش و داس برجليه و دباباته و أدوات تعذيبه على الأمازيغية و مناظليها الأبرار.
في مثل هذا اليوم غيّبت الأقدار من يضغط على الزناد في وجه كل وطني حر يتجرأ أن يقول “أحلم بجزائر أخرى “.إنّه قتل و عذّب و نفى و غدر بكلّ من سوّلت له نفسه أن يقول ” إني أفكّر في “. هواري بومدين محى من قاموس الجزائريين بإرهابه السياسي جملة ” عندي رأي”.
في عهده غرس الإسلامويون سكاكينهم في ظهر شعب كان يتنفس الحرية و التحرّر. فباسم تعريب المنظومة التربوية، إستورد من بوابة الشرق جحافل الإخوان المسلمين المصريين الذين التحقوا بأرض الحرية و في حقائبهم أقمصة و لحيّ لشبابنا و قطع قماش لرؤوس بناتنا.و باسم محاربة اليساريين و التقدّميين و مناظلي الأمازيغية، دشّن، عام 1967، مسجدا في حرم الجامعة المركزية لتأسيس جبهة اسلامية رجعيّة مناهظة للتيارات التقدّمية.
تاريخ هواري بومدين، أراد من أراد و كره من كره، حافل بإغتيالات الوطنيين و تهميش و تعذيب التقدّميين و تدمير الأراضي الفلاحية الخصبة في سهول متيجة و العريب باسم خياراته الإقتصادية التسلّطية الفرديّة.
و اليوم، و نحن ما زلنا نتخبّط في نظام العسكر و الإنقلابات الذي أسّسه هواري بومدين و جماعته، نغتنم فرصة ذكرى رحيله في مثل هذا اليوم لنترحّم على روح رجل الجزائر الذي رحل في مثل يوم الأمس : عبان رمضان. ذلك الرجل الفذّ الذي ناظل من أجل جزائر ديمقراطية يعلو فيها صوت المواطن على صوت العسكر و الذي انخرط في صفوف الثورة ليسقط في ميدان الشرف و لكن شاءت الأقدار و إرادة أصحاب بومدين أن يسقط بين أيادي الغدر.
أمياس مدور