في حفل تنصيب حضرته المؤسسة العسكرية بقوة و عزفت عن حضوره قادة الدول الصديقة و الشقيقة ، توجه عبد المجيد تبون بخطاب للأمة أقل ما يقال عنه أنه نسخة طبق الاصل لكل الخطب التي أمطر بها الرؤساء السبع السابقون رؤوس الجزائريين. وعود باصلاحات دستورية و اجراءات اقتصادية و اجتماعية تّرجع البلاد جنة نعيم في الضفة الجنوبية للبحر الابيض.
و اتسم الخطاب الأول لعبد المجيد تبون بالشعبوية المفرطة و كثرة الشعارات و عبارات الشكر و الامتنان المتكررة لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي. و وعد تبون بتعديل دستوري يكرس استقلالية السلطات و توازنها، الحد من صلاحيات الرئيس، اصلاح المنظومة التربوية و الصحية، اعادة انعاش القطاع الصناعي و الزراعي و تطوير السياحة و توفير العيش الرغيد للجزائريين في ضل العزة و الكرامة. و تناول كل المواضيع التي تطرق لها من قبل اسلافه في الرئاسة و بنفس الأسلوب و النبرة، و كأنها قصيدة شعرية يحفظها الرؤساء عشية تنصيبهم.
و أنهى عبد المجيد تبون بتكريم عبد القادر بن صالح و قايد صالح، و هما اللذان كانا من قبل من أكبر الأوفياء لعهدات عبد العزيز بوتفليقة و هم الآن أكثر المسؤولين عرضة لغضب و استهجان الشعب في كل جمعات الحراك الشعبي. إذ أسدى رئيس الدولة الجديد لكل منهما وسام الاستحقاق برتبة ” صدر ” عرفانا لما قاما به من مجهودات لإيصاله إلى سدة الحكم.
و ينتظر أن يردّ الشعب الجزائري غدا الجمعة على خطاب تبون في مسيرات ضخمة عبر كامل التراب الوطني بالتنديد بالمهزلة الانتخابية التي عبر من خلالها الرئيس الجديد إلى قصر المرادية.
و كأول تعليق سياسي على مضمون خطاب تبون، اعتبر محسن بلعباس، رئيس الإرسيدي، في تغريدة له كلام رئيس الدولة الجديد ” نسخة باهتة من لغة الخشب التي امتهنها جميع خدّام النظام الذين فرضوا في أعلى مناصب الدولة”. ” خطاب مزدان ببعض التعهدات التي لا ترقى إلى ما كان يتطلع إليه الجزائريون وسط القمع والاعتقالات التعسفية والاستغلال المخزي للعدالة وعسكرة الحياة السياسية. خطاب يعد بإجراءات اقتصادية واجتماعية عديمة القيمة والفائدة قياساً بمطالب المواطنين الشرعية من أجل انطلاقة جديدة تكرس أولاً حرية الشعب وسيادته على مستقبله “، حسب رئيس الإرسيدي الذي يتصدّر مسيرات مناهضة النظام البوتفليقي الذي ما زال ساري المفعول حتى بعد تنصيب عبد المجيد تبون رئيسا للدولة بحضور كل رموز هذا النظام العفن باستثناء بعض الوجوه المتصدرة التي وضعت رهن الحبس.
و في منصات التواصل الاجتماعي، انطلقت موجة رافضة لمحتوى مضمون الخطاب الرئاسي منقطعة النظير. و ذهب البعض إلى حد التأكيد أن وعود تبون بحرية التعبير بدأت بسجن شاعر مسالم ل18 شهر حبس نافذة و اعتقال طالبة في تلمسان بتهمة احباط معنويات الجيش و غلق الطرقات أمام المواطنين الراغبين الدخول إلى العاصمة. كما سجلت عدة تعاليق عدم تطرق الخطاب لوضعية المئات من سجناء الراي الذي يقبعون في زنزانات النظام.
نبيلة براهم