الجمعة الثامنة عشر للثورة الشعبية كان يوما عصيبا لرئيس أركان الجيش و ساعات اذلال له. فتنة الأعلام التي خطط لها لم تحصل. و استفزازه قوّى لحمة الجزائريين و الجزائريات في مختلف ربوع الوطن. ملايين الجزائريين في مختلف مدن البلاد هتفت بالأخوة المقدّسة بين جميع الجزائريين و ندّدوا بسياسة “فرق تسد”.
في الجزائر العاصمة، لم يستطع القمع البوليسي و تطويقه للساحات من وقف الزحف الشعبي الذي غمر كل الشوارع الرئيسية. اليد في اليد و الكتف جنب الكتف، ردد المتظاهرون في ساحة أودان و البريد المركي و شوارع ديدوش و عميروش و عسلة حسين و العربي بن مهيدي شعارات ” القبايل خاوتنا، القايد خاننا “. و رفعت الأعلام الأمازيغية عاليا فوق الرؤوس.
في مدن منطقة القبائل، عرفت الشوارع و الساحات تسونامي من الأعلام الوطنية و الرايات الأمازيغية كرسالة قويّة للحاكم العسكري أن الأزمة أزمة نظام و سياسة و ليست أزمة أعلام و رايات.

في مدينة سطيف، خرج الجزائريون بالآلاف للتنديد بمحاولات قايد صالح زرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد و إرادته الواضحة في السطو على الثورة الشعبية. و ردّد المتظاهرون شعارات رافضة لدولة عسكريّة. و عرف نهار اليوم اعتقال كل من المنسقة الوطنية للنساء التقدميات، حياة محند قاسي، و المنسقة الجهوية لنفس التنظيم، يمينة عليلي. و تم تحريرهما بعد 5 ساعات من القيد في محافظة الشرطة المركزية.
في مدينة سعيدة، خرج المواطنون في مسيرتهم كالعادة انطلاقا من ساحة الأمير عبد القادر. و جاب المتظاهرون الرافضون للتصريحات الأخيرة لقائد الأركان نائب وزير الدفاع الڤايد صالح التي كانت مستفزة للجزائريين و ردّدوا “الجيش، شعب خاوة خاوة والقايد صالح مع الخونة، يا منعاش يا منعاش والقايد صالح في لحراش، لا حوار مع الباءات نريد حكومة كفاءات”.
في مدينة سيدي بلعباس، خرج الآلاف من المواطنين بشعار “ما كانش جهوية خاوة خاوة”. و جابوا شوارع المدينة انطلاقا من ساحة ” كارنو”. و أبرز مطالب العباسسيين اليوم كان المطالبة بمحاكمة عبد العزيز بوتفليقة. كما رددوا هتافات مدوية ومعادية لتوجهات قائد الأركان احمد قايد صالح إلى درجة اتهم فيها هذا الأخير “بالموالاة للإمارات العربية المتحدة” و”بوقوفه في صف من وصفوا بالخونة”. وقد دوت ساحة “كارنو” بعد ظهيرة اليوم بهتافات “القبائل خاوتنا خلونا من الفتنة” و”قبائلي قبائلي شاوي شاوي جزائري جزائري” .
و في تيبازة خرج المواطنون بشعارات معادية للقايد صالح و منددة بخطابه المستفز، رافضين الانتخابات التي يدعو إليها. و عرفت المدينة بعض المناوشات بين شباب و رجال الأمن عندما بادرت الشرطة بقمع حاملي الرايات الأمازيغية. و سرعان ما تم احتواء الوضع و واصلت المسيرات في التدفق عبر شوارع المدينة.
في مستغانم، جاب المتظاهرون مختلف شوارع المدينة ،و جددوا مطالبهم الداعية إلى رحيل الوجوه المحسوبة على النظام السابق وضرورة إرساء أسس دولة ديمقراطية تعود فيها الكلمة للشعب واتخاذ أسلوب الحوار دون إشراك الوجوه القديمة للنظام. و ردّد المتظاهرون شعارات الأخوة بين جميع الجزائريين.
و كانت المشاهد نفسها في باقي مدن الجزائر أين لقيّ خطاب قايد صالح اشمئزازا جماهيريا كبيرا و سخطا شديدا في كل المسيرات. و أجمع جل المتظاهرين على ضرورة رحيل كل رموز النظام بدءا من رئيس الدولة إلى رئيس أركان الجيش الذي يريد إعادة بعث النظام البائد و السطو على الثورة الشعبية التي تتطلع إلى دولة مدنية في ضل جمهورية ديمقراطية اجتماعية حرة و عادلة.
نبيلة براهم