التقى علي بن فليس، اليوم الأربعاء، بمنسق هيئة الوساطو و الحوار كريم يونس في إطار المشاورات التي يجريها الأخير مع عدد من الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين قصد جلبهم للإنخراط في خريطة طريق رئيس الأركان الرامية لتنظيم الانتخابات الرئاسية و إخراج النظام من الحصار الشعبي الذي وقع فيه منذ 22 فيفري الفارط.
و عقب اللقاء، صرّح علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات، عن انخراط الحزب في خيار تنظيم الرئاسيات في أقرب الآجال. و ربط نجاح العملية الانتخابية بشروط منها : تهيئة المناخ المناسب لانجاح الاقتراع بتبني تدابير الثقة والتهدئة وكذا إشارات قوية من طرف السلطات تعبر عن إرادتها القوية لضمان صحة وشفافية وسلامة هذا الاقتراع، رحيل الحكومة الحالية المعينة من طرف الرئيس المخلوع و استبدالها بحكومة تصريف أعمال، تأسيس “سلطة انتخابية مستقلة خاصة” تكلف بمجمل الصلاحيات المتعلقة بتحضير وتنظيم ومراقبة المسار الانتخابي الرئاسي و تعديل التشريع الانتخابي بما يسمح باجراء الانتخابات بعيدا عن احتمالات التزوير.
و كما كان متوقّعا، لم يرد في جملة شروط الذهاب للانتخابات التي قدمها علي بن فليس ضرورة رحيل رئس الدولة عبد القادر بن صالح كما تهتف به الجماهير الشعبية منذ بداية الثورة السلمية و لا تعديل الدستور بما يقلّص من الصلاحيات الملكية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية و ضمان استقلالية القضاء و حرية التعبير و توازن السلطات و استقلاليتها بعضها عن بعض.
و يعتبر موقف علي بن فليس متطابقا مع خلفيته الإيديولوجية و ثقافته السياسية التي تربّى عليها في دهاليز النظام و في ثنايا حزب الأفلان، مدرسته السياسية الأولى و الأخيرة. فالرجل الذي أسس حزب طلائع الحريات كان من الإطارات السابقة لحزب جبهة التحرير الوطني حيث شغل فيه أكبر المناصب القيادية، و رئيس حكومة أسبق في العهدة الأولى لبوتفليقة قبل أن يتم الاستغناء عنه من قبل العصابة بعد أن حامت حوله شكوك بالتفاوض مع جناح من جنرالات الجيش الوطني الشعبي للترشح للرئاسيات. كما سجّل عليه التاريخ تنشيط أكبر الحملات الانتخابية الرئاسية للبلاد في عام 1999 كأمين عام للأفلان و مدير حملة بوتفليقة، و كذلك تنظيم حوار مزيّف مع ممثّلين للعروش صنعهم في مكتبه قصد كسر الحراك آنذاك. ويبقى قرار منع المسيرات في العاصمة الذي وقّعه علي بن فليس في 2001 وصمة عار لا تمحى من على جبين الرجل لكونه كان السند القانوني الذي استعملته السلطات 17 سنة كاملة لقمع أي تجمع أو احتجاج ينظم في العاصمة. و في ظل حكومته، وقعت أكبر عملية قمع دموية للحراك السلمي ذهب ضحيته أكثر من 127 شاب قتيل و آلاف الجرحى بالرصاص المتفجّر دون أن يُسمع لبن فليس أنين.
إن تسرّع علي بن فليس إلى مباركة خيار الرئاسيات في أقرب وقت ممكن و رفضه للمرحلة الانتقالية المؤسّسة لجمهورية جديدة يرجع، في راي العديد من المراقبين، إلى كون الرجل طامع في تزكيته من قبل النظام البائد مرشحا له أو ، على الأقل، مساعدته في التموقع سياسيا في المشهد الوطني بعد أن تمّ طرده من مسيرات العاصمة في مارس الماضي . و أضحى جليّا أن لا مكانة له في جزائر الغد التي قد تفرزها المرحلة الانتقاليّة. فعلي بن فليس في نظر جلّ الجزائريين جزءا من النظام سياسيا و فكريا و تاريخيا.
عبد الحميد لعايبي