السلطة فقدت بوصلتها كليا و لم تعد تعي ما تفعل و ما تقول. الآلة القمعية رفعت من مستوى ترهيبها لشباب الحراك بالمرور إلى عمليات التعذيب، نائب وزير الدفاع يواصل رفضه حقائق الميدان باصراره زرع وهم مساندة الشعب لخطته و وزير الداخلية يزلق في الخطاب إلى أدنى المستويات بوصف ملايين الجزائريين الرافضين للانتخابات بالحركى و الشواذ و المثليين.
مع اقتراب الموعد الذي حدده رئيس الأركان لتنصيب رئيس الدولة عنوة على الجزائريين و تصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية المنددة بالانتخابات، و أمام فشل سياسات القمع المنتهجة لابطال مفعول الثورة الشعبية السلمية العارمة، قفزت القوات الأمنية بخطوة نوعية في سبيل اسكات كلمة الحق بلجوئها إلى التعذيب الجسدي في مقراتها، حسب شهادات أدلت بها هيئات الدفاع عن المعتقلين. و الأمر يتعلق بعمليات التعذيب التي تعرض لها ناشط وهران، لياس رجدال، الذي وجده أحد أقربائه في أحد مخافر السلطة في حالة بدنية و معنوية كارثية بعد ايام من اختفائه عن الأنظار. في حين أدلى محامي الناشط البرايجي، ابراهيم لعلامي، أن هذا الأخير تعرض لمعاملات سيئة و تعنيف بدني أدى إلى كسر في يد الناشط و جروح بادية في جسده أدت إلى مثوله أمام وكيل الجمهورية بقوى جد متدنية. و لم تقدم له إدارة سجن برج بوعريريج الأدوية اللازمة لايام. و في برج منايل، تعرض المناضل سفيان باباسي لأبشع عمليات التعذيب حسب شهادة المحامي حوالي. إذ بدت على وجه باباسي آثار تعنيف كبيرة.
من معالم تهور النظام ، مضمون خطاب قائد الأركان الذي ما زال يرفض واقع انتصار الثورة أمام الضربات المتتالية التي تقوم بها الثورة المضادة التي ترسم خططها غرف مختصة تنسقها قوى خفية في أبو ضبي و باريس و أعالي العاصمة. ففي خطاب ألقاه اليوم الثلاثاء، تحدث قائد الأركان عن مساندة شعبية قوية للانتخابات الرئاسية في حين شهد الرأي العام الوطني و الدولي عبر فيديوهات النشطاء في الميدان أن المسيرات المساندة للرئاسيات لم تعبّئ سوى العشرات من بقايا النظام مقابل مسيرات مليونية عجت بها شوارع و ساحات المدن الجزائرية رافضة لمشروع النظام و مطالبة بمرحلة انتقالية مؤسسة لنظام جديد يحدث القطيعة و التغيير الجذري في منظومة الحكم و يحرر البلاد من قبضة العصابات التي سيطرت على الحكم لمدة تفوق 57 سنة.
و يأتي التدخل الاعلامي لوزير الداخلية المستفز للشعب ليؤكد أن النظام في سكرات الموت. إن وصف الشعب الجزائري الذي أجمع على رفض الانتخابات و اعادة احياء نظام العصابة بالحركى و الشواذ و المثليين فقدان للتوازن العقلي و الأعصاب أمام زحف الثورة السلمي و الانتصارات المعنوية و السياسية و الديبلوماسية التي تحققها الثورة الشعبية. عندما ينزل عضو حكومة يشغل حقيبة سيادية بحجم وزارة الداخلية إلى هذا المستوى من الانحطاط الأخلاقي و اللفضي، فمعناه أن النظام أفلس تماما و لم يبقى له سوى الاستفزاز و الدفع نحو العنف. التجربة مر بها وزير الداخلية الأسبق، يزيد زرهوني، حين وصف ضحية قمع الدرك الوطني، التلميذ الثانوي قرماح ماسينيسا، بالمشاغب. و الكل يتذكر ما انتج استفزاز الوزير السفاح. وزير الداخلية الغير الشرعي يرمي بتصريحه المشين استفزاز شباب الحراك و دفعهم لتكرار سيناريو 2001 و لكن غباؤه أنساه أن هذا الشعب حفظ الدروس و قطع العهد مع الوطن أنه سيبقى سلميا إلى الأبد.
شعبان بوعلي