كم هو شبيه اليوم بالأمس. عبد المجيد تبون يمطر الجزائريين بالوعود الشعبوية كما فعل الجنرال ديغول في 1958 عندما أتى بوعود براقة و معلّبة في ما كان يسمى بمخطّط قسنطية لاطفاء فتيل الثورة. هكذا قال لي أحد الشيوخ و هو يعلّق على ما أتي على لسان رئيس الدولة الجديد الذي ترفضه أغلبية الشعب الجزائري ممثلا لها.
و بالتدقيق في الموضوع، يمكن القول أن الشيخ أصاب لحد كبير في تحليله. فعبد المجيد تبون و الجنرالات التي أتت به بصندوق مشكوك فيه إلى سدّة الحكم مثلهم مثل الجنرال ديغول و من أتوا به إلى السلطة. فهم على ما يبدو لم يعوا و لم يزنوا حق وزنها الثورة التحريرية التي أطلقها الشعب الجزائري. عبد المجيد تبون كشارل ديغول في زمانه لم يفهم أن الشعب الذي وصل قلوبه الحناجر لم يعد يكفيه استرجاع جثث أبنائها من الخارج و لا ينظر إلى المونئ و ما يصلها من موز و أناناس و كل ما تشتهيه النفوس لأنه و ببساطة مشتاق فقط للحرية و الكرامة و … الاستقلال.
عبد المجيد تبون خاطب الشعب الذي لم ينتخب عليه بلغة الشعارات و نفخ في العباءات و نسيّ أن الشباب الثائر في المدن و المداشر، و المعنّف بوحشية في ساحات و شوارع وهران و البويرة و غيرها، و القابع في سجون النظام و مخافره، لم يعد يصغي لغير أنّات المرضى الذين لم يجدوا دواءا لأن النظام سرق حق الصيدليات العمومية و بكاء الطلبة الذين لم يجدوا في المدارس و الجامعات المنكوبة علما و متقاعدي الصندوق المفلس الذين لم يعودوا قادرين على شراء حبة بصل ترافق مضغ خبزهم اليابس.
عبد المجيد تبون حطّم الرقم القياسي لأقصر عهدة حكومية كرئيس حكومة لمدة شهرين و 21 يوما. و أقسم الثوار بالملايين في الشوارع و الساحات أنه سيحطّم حتما رقما قياسيا آخر بأقصر عهدة رئاسية. فهل يستطيع عبد المجيد تبون أن ينجح في ما فشل فيه الجنرال شارل ديغول و الصمود أمام رياح الثورة التحريرية الجزائرية ؟ هذا ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة.
أمياس مدور