ضخت الحكومات المتتالية أموالا ضخمة للصندوق الوطني للمعاشات قصد إبقائه حيّا يُرزِق المحالين على التقاعد. و لكن إلى أي حدّ يمكن للسلطات العمومية مرافقة الصندوق في رواق الموت ؟و متى ترضخ السلطة السياسّية للامر الواقع و التصريح بأن صندوق المعاشات أفلس من زمان و أنّه أصبح بالوعة مال الخزينة العمومية ؟
إنّ إفلاس صندوق المعاشات هو إفلاس سياسات الدولة في التشغيل و المراقبة الميدانية لسوق العمل و إنجاز المؤسسات الإقتصادية الصانعة لليد العاملة. إن عجز ميزانية صندوق المعاشات جاء نتيجة التهرّب من الحلول الإقتصادية الناجعة.
بدل إعادة النظر بجدية للسياسة الإقتصادية المنتهجة و المفلسة التي أماتت الصندوق، قدّمت لنا الحكومة حلّا بلا راس و لا ذيل، تضمّنه قانون المالية المصادق عليه أمس.حلّ مفاده تمكين المغتربين من الانتساب إلى النظام الوطني للتقاعد من خلال دفع اشتراك بالعملة الصعبة بمقابل حقوق التقاعد بالدينار الجزائري.
هل جاء هذا المقترح من باب التسليّة أم من باب الإستخفاف بالعقول ؟ الفشل الواضح لهذا الروتوش البدائي لا يستحقّ حتى الوقوف على مبرّراته. و يمكن إلحاقه من الآن بمقبرة التدابير الإقتصادية الصبيانية الميّتة في مهدها. مثلها كمثل التدابير البنكيّة المتّخذة أخيرا للقضاء على السوق الموازية.
و لنقولها صراحة، مادامت مشاريع استثمارية جادة كالتي أتى بها يسعد ربراب و غيره حبيسة قرارات تعسفيّة، كلّ صناديق الجزائر، و صندوق المعاشات أوّلها، ماضية لتصبح في الغد القريب صناديق خاوية.
أمياس مدور