إنتهى اللقاء التشاوري لشبكة الأحزاب الديمقراطية في شمال إفريقيا المنعقد يومي 23 و 24 فيفري 2019 بطنجة (المغرب ) بمصادقة المشاركين على أرضية سياسية تساير روح ” إعلان المنستير” الذي أصدره 11 حزب سياسي شمال إفريقي في أفريل 2018 و الذي يلزم أحزاب الشبكة احترام مبادئ جوهريّة تتمثل في : خدمة طموحات شعوب المنطقة إلى التنمية و الأمن و التقدم و النهوض الحضاري، نبذ و مقاومة التطرف و التطرف العنيف و خلط الدين بالسياسة وفوضى السلاح و الانفصال، اعتماد التعاون و الحوار الدائم و التنسيق و العمل المشترك على مستوى الشمال الإفريقي، إحترام التاريخ السياسي و الاجتماعي الذي يميز كل دولة و يحدد اختياراتها السيادية التي يتوجب احترامها و في مقدمتها الوحدة الوطنية و الترابية، العمل من أجل التعاون الوثيق في كل المجالات و التنسيق المستدام حول القضايا العادلة دوليا.
و قد أوصت الأرضية السياسية « “الهيئة المؤقتة العليا للتنسيق” المشكلة من قادة الأحزاب الديمقراطية في شمال إفريقيا ، بمعية الفرق الفنية التي ستتشكل من كوادر و أطر هذه الأحزاب إلى فتح ورش التفكير الجماعي المشترك حول القضايا والاهتمامات ذات الأبعاد المشتركة و لمتقاسمة، بغاية الإحاطة بأقصى ما يمكن من خيوط نسج تشبيك حزبي وطني تقدمي ديمقراطي اجتماعي حداثي، فاعل و مستدام ».
و في ظل التحولات العميقة و السريعة التي يعرفها العالم، و كذلك المخاضات العسيرة التي تشهدها منطقة شمال إفريقيا و التي تستدعي اهتمام و تساؤل كل من يقلقه مصير المنطقة، رأت شبكة الأحزاب الديمقراطية في شمال إفريقيا أنه من واجب « الأحزاب السياسية الديمقراطية الإجتماعية الحداثية أن تتلمس طريق الجواب عليها لامتلاك مشروع حقيقي للتغيير ».
و لمّحت الشبكة الشمال إفريقية إلى جملة من التحديات التي تواجه المنطقة و التي تتطلب استجابة عاجلة، و من بينها :
- التحديات الإقليمية ذات الطابع الجيوسياسي، والاقتصادي والأمني والبيئي التي تواجهها المنطقة المغاربية والتي تحد على نحو ملحوظ من قدرتنا على تسريع الإصلاحات المؤسساتية و الاقتصادية و الاجتماعية الضرورية التي تمكن كل فئات مجتمعاتنا و شعوبنا من الولوج إلى حقوقهم المدنية و السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و البيئية .
- تصاعد الشعبويات بمختلف ألوانها الإيديولوجية، وبروز خطاب الانغلاق الهوياتي والكراهية والتطرف العنيف المبني على أساس ديني على المستوى العالمي و على المستوى الإقليمي كإحدى النتائج غير المباشرة للديناميات التي سميت ب”الربيع العربي”، مما يطرح مخاطر جدية فيما يتعلق بحماية قيم المجتمع الديمقراطي وتعاظم حجم التحديات التي تواجهها على حد سواء الديموقراطيات الناشئة والموطدة : (أزمة الوساطة السياسية والاجتماعية، أزمة التمثيل السياسي، أزمة إدماج مختلف الفئات الهشة ، والشباب في المؤسسات الديمقراطية سواء التمثيلية أو التشاركية منها…).
- ظهور جيل جديد من التحديات يتعلق بكيفية جعل الديمقراطيات أكثر ابتكارا واستجابة للقضايا الناشئة (الهجرة ،تغير المناخ، الأعمال التجارية و حقوق الإنسان، التنمية المستدامة، تقليص التفاوتات المجالية، تدبير التنوع اللغوي والثقافي، حماية قيم المجتمع الديمقراطي من الشعبويات، و التطرف العنيف، وخطاب الكراهية و العنصرية) وهي تحديات مشتركة بين بلداننا على تنوع تجاربها
- تزايد نفوذ المركبات المالية و الاقتصادية العابرة للقارات و تعاظم الاختيارات الاقتصادية الليبرالية المتوحشة في محاولة حثيثة إلى تحويل العالم إلى مجرد سوق بلا روح، مع ما ترتب عن ذلك من ارتفاع منسوب الهجرات، التهديد المتزايد للمناخ(الكرة الأرضية )، بروز الكثير من التعبيرات العنيفة، توسع رقعة فقراء العالم.
و حسب نص الأرضية السياسية المتفق عليها، يتوجّب على الورش المفتوحة النظر في الحصيلة التي أفرزتها الأحداث التي عرفتها المنطقة و التي لم تنتهي بعد، المكانة و الدور الجديد للمشروع التقدمي الديمقراطي الاجتماعي الحداثي أمام المنحى الانغلاقي فكريا وسياسيا والتيار الليبرالي المتوحش اقتصاديا، الرجعي ثقافيا، الكلفة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الحضارية لاستمرار الوضع الشاذ للامغرب في عالم الأقطاب و التكتلات بعد 60 سنة على مؤتمر طنجة(أحزاب المغرب العربي )، و 30 سنة على مؤتمر مراكش(معاهدة اتحاد المغرب العربي )، السياسات العمومية للنساء و الشباب، و أية مكانة لهم بين النخب، الوظائف و الأدوار للمجتمع المدني الشمال إفريقي لمرافقة دينامية التعاون والعمل المشترك، و العديد من القضايا الأخرى المتعلقة بالمناخ و تداعيات تغيراته على المجتمعات الشمال إفريقية.
و نوّه البيان إلى ضرورة « عدم تعطيل التواصل والتنسيق وتبادل الخبرات والزيارات و التعاون في المنتديات، بشكل جماعي و ثنائي ».
و تجدر الإشارة إلى أن مشروع هذه الشبكة الشمال إفريقية وُضعت لبناته الأولى على هامش المؤتمر الخامس لحزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية المنعقد في فيفري 2018.
أمياس مدور