طالب الدكتور سعيد سعدي من رئيس أركان الجيش، الفريق قايد صالح، الرحيل فورا لأن “الوقت حان لفسح المجال للأجيال الجديدة و أن زمن الديكتاتوريات العسكريّة قد ولّى”.
ففي رسالة مفتوحة موجّهة للقايد صالح، يقول سعيد سعدي مخاطبا إياه : ” كل شيئ يناديك بالانسحاب. ثقل السنين و العصر الذي نعيشه يدعوان للرزانة و الشجاعة و التبصّر” و ” إن الإستمرار في تجاهل المعنى الحقيقي لحراك سجّل نفسه في تاريخ العالم، و هذا بغض النظر لما يؤول إليه الآن، هو تعمّد أخذ خيار البقاء كأحد المعالم المظلمة في ذاكرتنا ، و الأخطر من هذا، جرّ الجيش نحو مغامرة قد يعرف فيها أسوأ التحديات : و هي مواجهة شعبه. و من جهة أخرى، أنتم كمجاهد تعلمون أن لا أحد انتصر على شعب ينتفض”.
و رأى سعيد سعدي أن ” إعادة الثقة عند المواطنين و إرجاع المصداقية للمؤسسات لن تكون باللجوء إلى تصفيّة الحسابات. خاصة إن كانت التحقيقات مصوّبة اتجاه البعض و متجاهلة البعض الآخر. إن العدالة حسب الطلب هي من أبشع أوجه الظلم الذي لا يطاق. يجب طبعا استرجاع أكبر عدد ممكن ممّا تم سلبه، في إطار دولة القانون التي ستبنى. أمّا الآن، فيكفي اتخاذ احتياطات احترازيّة لإيقاف تهريب الأموال. إننا نعلم جميعا أن الأضرار جسيمة. و لكن الجزائر بلد غنيّ بأولاده أيضا”.
و دعا سعيد سعدي، عبر رسالته، رئيس الأركان إلى ” إدخال الجيش إلى الثكنات و فسح المجال للجزائري كي يبتكر قدرا كبيرا حرّمته منه العسكرة منذ اليوم الأول من الاستقلال “.
و اعتبر أن ” إنّ الجزائر التي استُعبدت ، و خُنقت، و أُذلّت، و نُهبت، عادت من بعيد” و أنها ” عرفت كيف تستعيد عافيتها، و شرفها و عزّتها بفضل حراك مبهر أنتجه و نشّطه شباب لم نعطيه، بالمناسبة، أية فرصة “.
نبيلة براهم
رسالة مفتوحة للفريق أحمد قايد صالح
في هاته الأوقات الحاسمة للوطن، كل جزائري موضوع أمام مسؤولياته. و أنتم بشكل
خاص. حان وقت رحيلكم. لأنّكم بلغتم من العمر عتيّا. و لأنّ النظام الذي ساندتموه فشل و
لأنّه، بالأحرى، تمّ إدانته بفضل تعبئة شعبيّة لا مثيل لها أعادت الروح للأمّة منذ 22
فيفري.إنّ مواصلة التصريح بأن الجيش مواكب للشعب الذي يطالب بدولة جديدة في مستوى آماله،
وحقوقه و ديمغرافيته المتجدّدة ، أمر جدير بالثناء و التقدير. و لكن القيام بعكس ما يتمّ
التغريد به منذ شهر و نصف لا يمكن أن يقنع الكثير و لا أن يوقف الديناميكيّة التي أرجعت
لمواطنينا التحضّر و الأمل.
منذ بدأ هذا الحراك، عرف خطابكم تقلّبات عدّة. كنتم مناصرا للعهدة الخامسة. اتهمتم
المتظاهرين بالعملاء المتلاعَب بهم من أجل زعزعة استقرار بلدهم لتنتهوا، أخيرا، بتقبّل
فكرة أنّ الشعب محقّ في حراكه، و لو بإعطاء مضمون معارض لمطالبه.و أنتم تتأرجحون بين التهديدات و الوعود اتجاه مواطنينا، أكّدتم، أمس من وهران، أن
ملّفات الفساد سيتّم فتحها بشكل صارم. و قرّرتم كذلك أنّ حلّ طلب التغيير الجذري يمرّ
عبر برلمان، ليس إلاّ أداة تسيير تجاوزه الزمن، نهب الجزائر و أفقد الدولة مصداقيتها.
لتبرير قراراتكم التي لسيت من صلاحيتكم – فانتم نائب وزير دفاع – يشرح المادحون لكم،
و هم الذين سينقلبون عليكم مع أول ريح تغيير تصل، أنّه من الواجب اجتناب انهيار الدولة.
لقد صمدت الدولة الجزائرية في أوقات حرجة ، غابت فيها السلطة ، بل أخطر من ذلك،
انساقت في محاولات نسج تحالفات مشبوهة إن لم نقل تنازلات خطيرة على الدولة الوطنية.
إن إلتزام و تفان مئات الآلاف من موظفي الدولة، من أعلى منصب إلى أبسط مستوى،
الذين بقوا مجنّدين أمام العواصف التي أنتجها سوء تسيير المسؤولين، هو الذي حافظ على
انسجام و استقرار الهيكل الإداري للدولة.لن أطيل الكلام حول مسألة احترام الدستور الذي يتمّ استدعاءه حسب المناسبات
فهناك آخرون من قبلي، ذكّروا ، بما فيه الكفاية، كيف و كم من مرّة تمّ تشريح القانون
الأساسي أو تمّ خرقه.إن الإستمرار في تجاهل المعنى الحقيقي لحراك سجّل نفسه في تاريخ العالم، و هذا بغض
النظر لما يؤول إليه الآن، هو تعمّد أخذ خيار البقاء كأحد المعالم المظلمة في ذاكرتنا ، و
الأخطر من هذا، جرّ الجيش نحو مغامرة قد يعرف فيها أسوأ التحديات : و هي مواجهة
شعبه. و من جهة أخرى، أنتم كمجاهد تعلمون أن لا أحد انتصر على شعب ينتفض.السيد الفريق أحمد قايد صالح
إنّ الجزائر التي استُعبدت ، و خُنقت، و أُذلّت، و نُهبت، عادت من بعيد. لقد عرفت كيف
تستعيد عافيتها، و شرفها و عزّتها بفضل حراك مبهر أنتجه و نشّطه شباب لم نعطيه،
بالمناسبة، أية فرصة.
كل شيئ يناديك بالانسحاب. ثقل السنين و العصر الذي نعيشه يدعوان للرزانة و الشجاعة و
التبصّر.
حان الوقت لفسح المجال للأجيال الجديدة. إن زمن الديكتاتوريات العسكريّة قد ولّى. و إنه
لمن سوء التقدير عدم الفهم أن اليوم في الجزائر أيضا، أصبحت صرخة المواطن أكثر
استماعا من طلقة المدفع.السيد الفريق أحمد قايد صالح
المسألة لم تصبح في ميزان : هل سترحل أم لا ؟ و لكن كيف و متى يكون ذلك.
إنّ إعادة الثقة عند المواطنين و إرجاع المصداقية للمؤسسات لن تكون باللجوء إلى تصفيّة
الحسابات. خاصة إن كانت التحقيقات مصوّبة اتجاه البعض و متجاهلة البعض الآخر. إن
العدالة حسب الطلب هي من أبشع أوجه الظلم الذي لا يطاق. يجب طبعا استرجاع أكبر
عدد ممكن ممّا تم سلبه، في إطار دولة القانون التي ستبنى. أمّا الآن، فيكفي اتخاذ احتياطات
احترازيّة لإيقاف تهريب الأموال. إننا نعلم جميعا أن الأضرار جسيمة. و لكن الجزائر بلد
غنيّ بأولاده أيضا.ما يحدث الآن في الجزائر حدث عالمي. و يجب أن توقنون أنّ آفاقا أخرى، لا مفر منها،
يتمّ فتحها للجزائر.عرف مساركم مسالك متنوعة، و هذا من طبيعة المسارات الإنسانية، خاصة عندما يتمّ
خوضها داخل نظام معتم و عنيف. و ها هي فرصة فريدة لإنهاء مساركم المهني باتخاذ
قرار وطني قد يقضي، أو على الأقل، يخفف من نقاط ضعفه: و هو إدخال الجيش إلى
الثكنات و فسح المجال للجزائري كي يبتكر قدرا كبيرا حرّمته منه العسكرة منذ اليوم الأول
من الاستقلال.أغريب، 10 أفريل 2019
سعيد سعدي