رغم الانزال الأمني الكثيف في محيط المقر الجهوي للإرسيدي و الحزام الأمني المطوّق لمدخل المكتب، استطاع رئيس الحزب و الإطارات الوطنية و جموع المناظلين و المتعاطفين تكسير الجدار و الزحف نحو البريد المركزي بشعارات قوية هزت شارع ديدوش مراد و ساحة أودان. و لم يرق لقوى القمع تقدّم التقدميين بقوى ثابتة نحو البريد المركزي، فاعتدت عليهم بالقنابل المسيلة للدموع و اعتقال عدد من المناظلين.

آلاف الجزائريين و الجزائريات انظموا إلى مربّع التقدميين في المسيرة ال49 و الأربعون من عمر الثورة السمية المناهضة لنظام العصابة القائم في البلاد و المطالبة بمرحلة انتقالية مؤسسة تضمن ميلاد جمهورية جديدة أساها الشرعية الشعبية و أولويتها الرجوع إلى السيادة المدنية على القرارات الوطنية و الاسترتيجية.

و قبل بدأ المسيرة ، تجمّع مناظلو الإرسيدي و المتعاطفين معهم أمام المقر الجهوي و رددوا شعارات تهتف بروح عقداء الثورة من بن بن مهيدي إلى عبان و عميروش و الحواس، و بروح فقيدا النضال الامازيغي معطوب الوناس و مولود معمري، و تشيد بنضال جميلة بوحيرد و معتقلي الرأي و شباب الحراك. كما ردد المتظاهرون أمام مقر الإرسيدي و تحت أعين مئات رجال الأمن شعارات منددة برئيس الدولة المعيّن، رافضة لحكم الجنرالات و مناوئة لتعليمة والي العاصمة الأخيرة.

” الرئيس ليس شرعي، الانتخابات زورتوها. نحن في الإرسيدي، المسيرة نكملوها “، ” يا والي يا جبان، الإرسيدي لا يُهان “، ” تعبنا من حكم الجنرالات “، ” دولة مدنية، ماشي عسكرية “، ” سيادة شعبية، مرحلة انتقالية ” هي من أكثر الشعارات التي زلزلت وسط العاصمة الجزائرية في هذه المسيرة التي تدشن الشهر المكمّل للسنة الأولى منعمر الثورة الديمقراطية التي ما زالت لم تلقى آذانا صاغية لدى أصحاب السلطة الفعلية الذين نصبوا رئيسا للدولة و يعملون يوميا من أجل اجهاض الهبّة الشعبية التي لم تعرف تراجعا و لا تماطلا و لا نية في التوقّف في وسط المسار.

و بوصول القاطرة التقدمية إلى محيط الجامعة المركزية، قامت القوات الأمنية بلا سبب يستدعي ذلك باستعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين. و سبب ذلك عددا من الاختناقات في أوساط الشعب المسالم.

مناضل حقوق الانسان،الياس لهوازي، من بين معتقلي الجمعة 49 بالعاصمة
و تم تسجيل العديد من الاعتقالات في صفوف مربّع الإرسيدي الذي انهالت عليه قوات الأمن بالقمع دون غيره من المربعات مما يُثبت أن الانخراط القوي للحزب التقدمي في الحراك و التعبئة المتواصلة لكوادره و مناظليه في كل الجبهات لمناصرة الثورة الشعبية يُزعج إلى حد كبير السلطات العليا في البلاد التي تريد افراغ الثورة من كل محتوى سياسي و تجريدها من أذرعها السياسية.

و عرفت العاصمة الجزائرية و كبرسات المدن الساحلية و الداخلية مسيرات حاشدة رفعت جميع الشعارات المعروفة لدى شباب الحراك. كما شوهدت لافتات تعرّضت بالسخرية و التهكم لآخر تصريحات رئيس الدولة.
و جاءت المسيرة ال49 تحت عنوان عريض يرافع لصالح رفض الاستثمار في الغاز الصخري. إذ أجمع الجزائريون في كل ربوع الوطن على تنديدهم بتوجه سلطة الأمر الواقع نحو دفع البلاد إلى هذا الخيار المدمر للبيئة و الخطير على الموارد المائية الجوفية في الجنوب.
و صادفت الجمعة ال49 للثورة عيد ميلاد ال64 لشهيد الهوية الجزائرية معطوب الوناس. و اغتنم محبوه و مناظلو القضية الأمازيغية الفرصة للهتاف باسمه تمجيدا لنضاله الدائم من أجل الاعتراف الفعلي بالأمازيغية و بناء جمهورية ديمقراطية تسع كل الجزائريين باختلاف مشاربهم و ألسنهم.
نبيلة براهم