استغلّ ملك المغرب الذكرى ال49 لاجتياح الأراضي الصحراوية ليلقي خطابا كله نغمات حب و تبرّك للجزائر. لو كانت النيّة كذلك لصفّقنا بأيدينا و أرجلنا . و لكن ، عندما نتمعّن في محتوى الخطاب الملكي، نعي جليّا أنه بمثابة حبة حنظل مغلّفة في علبة “فيريرو روشي” الأنيقة. الملك المغربي لا يريد حلا حقيقيا للعلاقات الشبه مجمّدة بين البلدين و إنّما يريد مراوغة الرأي العام العالمي و يوهمه أن الورم الخبيث متاصّل في الجزائر. و إلّا ما تفسير إلقاء خطاب كهذا و بالزخم هذا عشية انطلاق مفاوضات مغربية – صحراوية مباشرة في جنيف ، برعاية الأمم المتحدة و بحضور الجزائر و موريتانيا كطرفين ملاحظين ؟ و لماذا يدعو الجزائر لخلق آلية تشاور و حوار لفض الخلافات القائمة و العائقة لفتح الحدود ؟
الكلّ يعلم، و المغرب أوّلا، أن آلية التشاور موجودة و مؤسّسة بمقتضى اتفاقية مراكش الموقعة في 1989. فما جدوى البحث عن آلية أخرى و الآليات متوفّرة ؟ و الكل يعلم أن نواة التوتّر تكمن في قضية تقرير مصير شعب أقرّته الأمم المتحّدة حقا شرعيا. فلما لا يبدي الملك حسن النية في بناء فضاء شمال إفريقي واحد موحّد بإطلاق سراح شعب بأكمله و نحن عشية بدأ مفاوضات لم يكن لها أن تكون لولا تعنت و تصلّب الموقف المغربي؟
الملك المغربي يعلم أن مصير فتح الحدود متعلق بدرجة حزم و عزم السياسة المغربية في كبح لجام الحملات الإعلامية المعادية اتجاه الجزائر و ردع شبكات تهريب المخدّرات نحو حدودنا الغربية.
تمنّينا حلولا فعلية تليها مشاورات مباشرة بين حكام كل بلدان شمال إفريقيا تفضي إلى إطلاق سراح شعوبهم من قبضة حكمهم الجائر لتبدأ مرحلة بناء اتحاد شمال إفريقيا الشعوب. و هذا هو الأهم. و ليس زخرف الكلام.
أمياس مدور