خطاب رئيس الدولة، عبد العزيز بوتفليقة، الذي قرأه ، أمين عام الرئاسة، حبة العقبي، على مسامع الولاة لم يأتي بجديد يذكر. نفس الكلمات و نفس النغمات التّي رُدّدت طوال العشريتين الاخيرتين أُعيد تسخينها للاستهلاك العام. محاربة الرشوة و البيروقراطيّة و المحسوبية و كلّ الفواصل المحوريّة في خطابات الرئيس السابقة رجعت بنفس الزخم لتلقى ،بعد رفع الجلسة و بدون ادنى شك، نفس مصير سابقاتها.
حذّر الرئيس من دوائر وخلايا تستهدف المؤسسات الدستورية دون أن يسمّيها. و الكلّ يعلم أن من أعطى الضربات الموجعة للمؤسّسة التشريعية نواب محسوبون على النظام الذي بناه بيديه. فنواب الافلان و الأرندي هم من اغلق ابواب البرلمان بالسلاسل و كسّر باب رئيس المجلس الشعبي الوطني بالركل ، و هم من داسوا على قوانين الجمهورية و قدّموا للعالم صورة يندى لها الجبين.
من أشاع خبر وقوف رئاسة الجمهورية وراء السيرك السياسي بدل السهر على شؤون الدولة العليا هم جمال ولد عباس و معاذ بوشارب و من جاورهما. فهم من يؤذّنون فوق كل السطوح أنّ كلّ ما يقترفونه من خطايا في حق القانون من أوامر الرئيس.
تمنّينا لو جاء في خطاب رئيس الدولة جوابا شافيا لنداء عمال سفيتال و آلاف الشباب العاطل و المتطلع للعمل في مصانع سيفيتال المجمّدة. تمنينا لو أتى الرئيس بقرار لصالح شباب الاونساج المغرّر بهم . تمنّينا لو فتح أبواب الأمل في التغيير بقوله ” طاب جناني و لن اترشّح لعهدة خامسة”.
المشكلة في الجزائر، سيادة الرئيس، سياسية بحتة، تستوجب إجابة سياسية. ما تحدّثتم عنه، اليوم، امور تقنية ولّدها حكم فاشل على كلّ الأصعدة. و لهذا يمكن إعتبار خطاب اليوم، رغم زخمه و نبل بعض المسائل المطروحة في ثناياه، مجرّد “لعب في الوقت الضائع”.
امياس مدور