عندما يتحرك الشعب الجزائري في خراطة تنقلب معطيات الوطن رأسا على عقب. للمرة الثالثة تضرب المدينة الثورية موعدا مع التاريخ لتغيّر من مساره نحو الأفضل. المرة الأولى كان ذات 8 ماي 1945 حيث سار الجزائريون في شوارعها فكان التغيير الجذري في مسار الحركة الوطنية الذي أفضى إلى حرب التحرير فتحرير الأرض. و المرة الثانية كان في 16 فيفري 2019 حيث خرج الجزاريون في أزقتها رافعين شعارات من أجل الحرية فسقط جدار الخوف و اليأس من قلوب الجزائريين لتبدأ ثورة تحرير الانسان من قبضة ذوي الجاه و السلطان. و ها هو الموعد الثالث مع القدر الوطني لتثبيت ركائز الثورة الشعبية و بعث رسائل الأمل في غد كله ديمقراطية و عدالة و سيادة وطنية منبعها الشعب.

خراطة أصبحت اليوم بمناسبة الذكرى الأولى لانطلاق شرارة الثورة السلمية من أجل التغيير الجذري للنظام قبلة للثوار و الأحرار و كل الغيورين على الوطن. من كل بقاع الجزائر الأبية، سالت أنهار بشرية إلى مدينة الصمود و التحدي و الوطنية الخالصة لتقول للعالم أن الجزائر الجديدة التي بدأت بأول صيحة ثورية يوم 16 فيفري 2019 في خراطة لن يهدأ لها بال و لن تتراجع قيد أنملة عن مطلبها الأساسي المتمثل في رحيل جميع رموز النظام و سقوط كل سياساته و مناوراته لتبدأ عملية استرجاع كامل سيادة الشعب عبر بناء دولة مدنية يرسم معالمها ممثلو الشعب الشرعيين في فترة انتقالية مؤسسة.

في ساحات و أزقة مدينة خراطة، تظاهر مئات الآلاف من الجزائريين و الجزائريات، ممثلو ائتلاف “الباد” و جمعيات المجتمع المدني و معتقلو الرأي الذين تم الافراج عنهم.
مواطنون من جميع الولايات ساروا في مدينة خراطة جنبا إلى جنب، يدا في يد، و بصوت واحد من أجل انطلاقة جديدة تقي البلاد و العباد من انزلاقات أخرى و أزمات أخرى و اضطهادات أخرى.

مليونية خراطة هي بداية الفصل الثاني من الثورة الشعبية المباركة و بداية انقلاب موازين القوى لصالح السيادة الشعبية و صافرة بداية عهد جديد في تاريخ النضال التحرري للشعب الجزائري.
نبيلة براهم