صدرت اليوم الجزائر إلى إفريقيا بعض الأطنان من الخضر و الفواكه و قليل من قارورات “البارفان”. و الكلّ مغلّف في علم جزائري أضيف لهلاله و نجمته صورة فخامته. و هلّل الجميع و كبّر كأننا بلغنا سطح المريخ. و الحقيقة أن حبات البطاطا و البصل المبعوثة إلى إخواننا في نواقشوط برفقة فرقة زرناجية لا تضاهي في ميزان التجارة الخارجية حبة خردل مما يصدره حارنا المغربي أو الإسباني.
نحن لا نعارض توفير الخضر لإفريقيا لو كانت قففنا مليئة بما هو كفاية. و لكن ليس الحال كذلك. فأسعار الخضر و الفواكه ملتهبة في أسواقنا بسبب قلة العرض. و الأجدر بحكامنا أن تسير هذه الشاحنات إلى الأسواق الداخلية كي تغطي السوق بما هو كفاية ليجد المواطن المغلوب على أمره ما يضع بين فكّيه و بأنسب الأثمان. إن عملية التصدير هذه تشبه عمليّة تهريب لقوت شعب لم يشبع بعد. و لكن هذه الحكومة لا تهمها بطون الجزائريين الخاويّة بقدر ما تهمها بطونها الملتويّة أمام عدسات الكاميرا و هي تعطي إشارة انطلاق قفف خضر و فواكه إلى ما وراء الصحراء و معاشات الجزائريين و أجورهم لا تكفي لشراء حبة بصل راشي.
الجزائريون الذين نسوا طعم اللوبيا الخضراء لغلائها بسبب قلّتها في السوق غير منبهرين بهذه القافلة التي تسير بقوتهم نحو إفريقيا بقدر ما هم باهتين أمام حكومة تضع العراقيل بالأطنان أمام مستثمر جزائري وطني حتى النخاع أتاها بتيكنولوجيا نادرة عالميا تدرّ أرباحا في التصدير لا تقلّ عن 15 مليار دولار سنويا.
الحكومة التي صدرت اليوم بعض القفف من الخضر و الفواكه و قليل من العطر هيّ نفسها التي عطّلت مشاريع ضخمة قد تجعل الجزائر من البلدان القلائل المصدّرة لتكنولوجيا عالمية و مدرّة لأرباح تفوق خيال الخضارين. إنها الحكومة الساهرة على القشور بدل الإعتناء بلبّ الأمور.
أمياس مدور