في زمن الجائحات، أصبح القمع الامني جائحة أمنية بكل المقاييس. في وقت اتجهت فيه الأنظار إلى ما يحدث للشعب الفلسطيني في الشرق الأوسط، ظهرت بؤرة قمع أخرى في شمال أفريقيا، و بالجزائر تحديدا، و بأشكال لا تقل وحشية من نظيرتها الشرق أوسطية.
مئات المعتقلين زج بهم في مخافر الشرطة. ولم يسلك من الإنزال الأمني الرهيب لا الرجل السياسي ولا الناشط الحقوقي، لا المرأة ولا الرجل. بل ذهبت قذارة النظام البائس إلى حد تعنيف صحفية في العاصمة وترحيل شاب معوق حراكيا خارج مدينة برج بوعريريج.
سلوك النظام بهذه الوحشية لم تجرؤ عليها حتى السلطات الاستعمارية أثناء مظاهرات ديسمبر 1960.
إن تصرف السلطة القمعي يكشف مدى ارتباكها أمام أفق عزوف الشعب الجزائري عن انتخابات جوان القادم، كما عزف عن انتخاب رئيس الدولة في ديسمبر 2019, مما ارغم العسكر على تنصيبه دون الحصول على تأشيرة الشعب السيد.
كان بإمكان العسكر تنصيب نواب البرلمان من بين ما حشد كمرشحين في اوساط زبانية النظام دون الاكتراث بموقف الشعب. تماما كما فعل في ديسمبر 2019، دون اللجوء للقمع الذي لا جدوى منه عدى إمكانية فتح الأبواب أمام مخاطر الانزلاق نحو العنف.
فإذا وضعت السلطة المتناهية في الحسبان أن القمع قد يولد الرضوخ واخماد الثورة فهي واهية. وان ضنت أن الترهيب يدفع بالشعب إلى ترك سلمية الحراك فهي غالطة. فالثورة لن تتوقف ورحيل السلطة لما محال منه لأن التاريخ قد أصدر حكمه برمي النظام البائس إلى المزبلة وفتح أبواب المستقبل الديمقراطي للجزائريين والجزائريات.
امياس مدور