عندما وصلوا إلى عنق الزجاجة ، خرجت الجماعات المتقاسمة للسلطة بفكرة تمديد موعد تنصيب رئيس دولة جديد.لم يبتعدوا تماما عن قاعدة خلق الثروة بطبع المزيد من الدينار . فجاءت الفكرة كورقة عمل .
و الرسالة التي قُرِأت باسم الرئيس بوتفليقة ، يوم لقاء الحكومة بالولاة (تميزت بالعنفالشديد و التهديد دفاعا عن استمرار وجوه هي في الواجهة منذ اكثر من عقدين)وجهت أمرالتلاحم الاخوة الأعداء ، دفاعا عن مصالحهم المشتركة للاستمرار في الحكم لسنوات أخرى.فالسلطة و النفوذ في المجتمعات المُقَيَدَة في إرادتها، يغلب عليهامعنى الاستغلال لأغراض شخصية و عائلية.
قد تبدو الأمور و كأننا نعيش في مجتمع طبقي. لكن يتعدى الأمر مجرد الاختلاف أو مجرد الاختلال الطبقي . لأننا نمثل إفرازات مجتمع يُبْنَى على أساليب بعيدة عن الاقناع أو عن المشاركة.
لذا ، لا عجب من مشروع تمديد عهدة بتأجيل تعيين رئيس دولة جديد. لأننا في الأصل ، كنا شهودا على مواعيد انتخابية لتعيين رؤساء دول بلقب رئيس جمهورية .
تعودنا رؤية صور متعددةلانتهاك الدستور ، بالتمديد أو بالغلق للعهدة الرئاسية ، أو بتعطيل أحكامه عن طريق سن مراسيم ، كتلك المانعة للمسيرات و المظاهرات السلمية . فتحولت الوقفات السلمية الى فعل يقابله الحبس، و أصبح تقديم رخصةالسماح بعقد ندوة عن حقوق الانسان من مرتبة مفعول الرخصةلمستوردينحصريين. فبين السياسة و المال لم يعد يفصل بينهما خيط دخان. فمن يحتكر الأول ، يحتكر الجميع .
فهل يخشى النظام المعارضة و حراك المجتمع المدني إلى درجة حبسه داخل هياكله التنظيمية ، مانعا عنه النشاط الجواري ؟ و باستثناء تحالف السلطة ، لا ينشط البقية ( على الرغم مما يضمنه لهم الدستور ) إلا أيام الحملات الانتخابية.
يمكن الاستنتاج من التجربة السابقة ، بأن النظام السياسي لا يخشى إلا من اختلالاته الداخلية بين جماعاته المختلفة . قد يدخل بين فترة و أخرى في مرحلة عنف داخلي، كسجنه لسياسيين و عسكريين لأغراض متصلة بتصفية حسابات، لكنه في الغالب يعود إلى التهدئة ، بترضية البعض ، أو عن طريق إعادة رسكلة آخرين في مناصب شرفية أو مصلحية . فالمبدأ السيد، هو اللا مبدأ. فلا عجب اليوم ، إن رفضت الحكومة تقديم بيانها السنوي للنواب . فهي أدرى بشعاب الوادي و بما يحمله . و لا عجب إن سما التلفون على القانون ، فكان هو العرف و كان الدستور . و لا عجب إن أجلوا أو مددوا ،أو إن أفتوا و قالوا، حلالهو التمديد. و لا عجب إن هم أضافوا إليه حديث أو إثنين من الصحيحين.
العجب هو أن نتعجب من مكر دعاة مصالحة تميز بين الجزائريين حسب الرأي و حسب الموقف . فالطريق مهيأة لنستمر في تبذير الوقت و فيؤتبديد رأسمال الأجيال.
عبد الحكيم بلبطي
hakimbelbati@yahoo.fr