منذ مدّة، لم يعد يهمّ الإسلاميين الوضع المتردي للتعليم و انحطاط المستوى الدراسي و لا حتى تلاشي القيّم الإنسانيّة في المجتمع الذي أهلكته المحسوبية و أكلت جنباته الرشوة و الفساد. إنّ كلّ ما يهمهم ابعاد المدرسة الجزائريّة عن رياح الإصلاح و الحداثة.
إن تكالب الإسلاميين بنقاباتهم و جمعياتهم و علمائهم الذين لا يفقهون في العلم شيئا على الوزيرة نورية بن غبريط، يعكس مدى خوفهم من فقدان ” العش الإيديولوجي” الذي بنوه على مدى عشريات و بتواطؤ من جهات رسميّة أخذت من سياسة ” تخطي راسي” منهجا في التسيير. و لهذا تراهم صفّا أمام تحركّ الوزيرة الجريئ من أجل تحرير المدرسة من مخالب دعاة تدريس الجهل المقدّس و تحويل أقسام العلم و المعرفة إلى أوكار غرس السّم الإديولوجي في عقول أطفالنا.
إنّ وزيرة التربيّة محقّة حين قالت أن المدرسة بُنيت لإكتساب المعارف و التعلّم. و أن للصلاة ديارها. و من يقول غير ذلك فهو مجحف و تاجر سلعة نتئة لا غير.
لقد حان الوقت لأحرار هذا الوطن أن يحرّروا المدرسة الجزائرية من مخالب غربان الإديولوجية الدينية و جعلها مركز تنوير و اشعاع علمي يكوّن أجيالا من الإطارات تخدم البلاد و العباد. و من أراد إمامة، فالجزائر تعجّ بالزوايا و المعاهد المخصّصة لذلك.
إن الجزائر في حاجة إلى أطباء، مهندسين، مبتكرين، إطارات سامية، ممرضين و خبراء في شتى المجالات. لأنّه بالعلم و العلم فقط، نرفع التحدي. و كيف لنا أن نأتي بجيل من هذا الرعين إن حولنا مدارسنا إلى مصليّات و برامجنا الدراسية إلى دروس وعض و حكايات عن ماض أكلته الأحداث . إنّنا في زمن تتسارع فيه التكنولوجيات. إننا في زمن ليس فيه مكان للبكاء على الأطلال. فلننفض الغبار على مدرستنا و لنحرّرها نهائيا من مخالب تجار الدين الذين يغطون فشلهم و عجزهم العلمي و رداءتهم بستار الدين. لأنّ أساس الدين طلب العلم و تثقيف النفس و ليس الجهاد من أجل المظاهر.
أمياس مدور