استقال عبد العزيز بوتفليقة، أمس الثلاثاء 02 أفريل، من سدة الحكم. و ما بعد ؟ السؤال فرض نفسه في الشارع الجزائري و الاوساط السياسية و بلاطوهات وسائل الاعلام الوطنية و الدوليّة.
إن زحزحة رئيس الدولة من منصب تشبث به إلى آخر رمق، معركة انتصر فيها الشعب بعد ستة مليونيات عزم و ثبات و صبر. و هي معركة حسمها الشعب لصالحه في إطار حرب سلمية و حضارية شنها الشباب الجزائري ضد نظام متعفن أخذ البلاد رهينة أكثر من نصف قرن. و المعارك المتبقيّة أهمّ و يجب خوضها بلا هوادة و بنفس النمط السلمي و الحضاري كي تضمن الجزائر لأجيالها الحاضرة و القادمة مستقبلا زاهرا، مشرفا و واعدا.
مطالب الشعب في التغيير الجذري للنظام القائم و بناء جمهورية جديدة عنوانها العدالة و المساواة و الحرية، هيّ مطالب لا تقبل التجزئة. و منه يتطلب مواصلة الحراك السلمي لاجتثاث كل العناصر القابلة لتجديد نظام يريده الشعب مدفونا في مزبلة التاريخ. و هذا يمكن تحقيقه عبر إبطال قرارات العصابة بتنصيب حكومة نور الدين بدوي و الذهاب إلى حكومة كفاءات وطنية غير حزبية تسيّر الشأن العام، تشكيل لجنة وطنية مستقلّة لتنظيم انتخابات مجلس دستوري يؤسس فعلا لجمهورية جديدة تضمن انطلاقة صحيحة للجزائر.
إن اتخاذ قرار عاجل باسترجاع رموز الثورة الجزائرية من شأنه ضمان عدم تجديد النظام المتعفن. إن ابقاء حزب جبهة التحرير الوطني، النسخة المزيّفة لجبهة التحرير الوطني التي حرّرت البلاد من يد الاستعمار، بكل هياكله و مقراته و حساباته البنكية و معداته اللوجستية قد يساعد على اعادة تشكيل مجموعات الفساد و و يشكل خطرا محدقا على الجمهورية الفتية التي يتطلع الشعب إلى بنائها. فاسم جبهة التحرير الوطني إرث تاريخي و طني يجب استرجاعه فورا كي تغلق نهائيا دكاكين المتاجرة السياسية بالثورة الجزائرية و مكاسبها.
إن رحيل بوتفليقة عقدة من سلسة اجراءات حاسمة يجب السهر و النظال من أجل افتكاكها و اقتلاع كل جذور النظام المعفن حتى نضمن نهائيا عدم عودته إلى المشهد السياسي.
أمياس مدور