اعتقلت الطالبة نور الهدى عقادي في سجن تلمسان و عُزل كريم طابو في زنزانة انفرادية بالقليعة و رُمي المجاهد لخضر بورقعة في سجن الحراش و هم مشتركون في تهمة واحدة : المساس بمعنويات الجيش.
و فُرش البساط الأحمر في مطار الجزائر للضابط السابق أحمد شوشان الهارب من صفوف الجيش و الخارق للحدود الوطنية بلا اذن و لا تسريح.
الثلاثة مدنيين السالف الذكر لم يتحدثوا باسم الجيش و لم يقترفوا ذنبا يمس بسمعة الجيش. كل ما فعلوا أنهم أبدوا رأيا مستقلا عن ما يجب أن يكون عليه الجيش الوطني ليشتد عوده أكثر و يكبر أكثر في أعين شعبه و يعظم أكثر في نظر العدو. تصريحات لا غبار عليها أدلوا بها في فضاءات ضيقة و في وقت قصير.
أما العسكري احمد شوشان، فقد لجأ إلى الخارج و طلب اللجوء السياسي بتقديم نفسه ضابطا هرب من جيش يقطع الرؤوس و يقود حملة تصفية ضد شعبه، و أنه هرب لأنه رفض الانصياع لأوامر ” الجيش “. العسكري أحمد شوشان ملأ فضاء الانترنت و صفحات الاعلام الغربي بتصريحات حرص أن تكون باسم ” نقيب الجيش الوطني الشعبي ” ليلطّخ ذات الجيش الذي منحه الرتبة العسكرية و يعطي لشخصه بعض الشرعية. العسكري أحمد شوشان بقي يعثو في سمعة الجيش لسنوات، و ذهب إلى حد اعطاء أوامر بتصفية بني ميزاب و اقتلاع منطقة القبائل باسم ” نقيب الجيش “.
و يدخل النقيب أحمد شوشان البلاد من بابه الواسع في وقت يقابل فيه كريم طابو قضاة المحكمة بتهمة المساس بمعنويات الجيش، و تسير فيه نور الهدى عقادي في الشوارع بصفة سجينة موقوفة النفاذ.
أي منطق قانوني هذا ؟ أليس الأجدر توقيف النقيب أحمد شوشان و إحالته على المحكمة العسكرية لهروبه من صفوف الجيش ؟ أليس من واجب المحكمة العسكرية مقاضاته على تحدّثه من الخارج برتبة ضابط في الجيش ؟ أليس السماح له بالدخول حرا طليقا بعد كل هذا الكم من الاساءات للجيش و للانسجام الوطني ضربا صارخا بمعنويات ضباط و جنود الجيش ؟ ما هي الرسالة الحقيقية التي يتلقّاها أفراد الجيش الوطني الشعبي عندما يشاهدون نقيبا يهرب من الصفوف و يلجأ إلى بلد أجنبي و ينفث سمومه بصفة ضابط، ثم يدخل إلى بيته سالما غانما كأنه كان في بيت بختة و خرج منه ليعود اليه متى شاء ؟
السلطة الفعلية الساهرة على معنويات الجيش ملزمة بتوقيف النقيب أحمد شوشان و احالته على المحكمة العسكرية لأن التساهل مع الهاربين من صفوف الجيش و العابثين برتبه الرسمية في المحافل الاعلامية الدولية سابقة خطيرة تمسّ بمصداقية مؤسسة تستلزم الانضباط التام. و يجب على السلطة الفعلية أن تُرجع للنشطاء السياسيين حقهم في طرح تصوراتهم الوطنية حول مكانة و دور الجيش كمؤسسة جمهورية. و إن لم تفعل، فمن حق المواطن أن يتساءل عن خلفيات جلب ضابط الجيش الهارب في هذا الوقت بالذات و عن أهدافه الخفية، و عن مدلول الردع الحازم في المواقع الخاطئة.
أمياس مدور