الحلقة تضيق برئيس أركان الجيش كل يوم. جحافل الذباب الإلكتروني التي حشدتها دوائره للتشويش على الحراك لم تجدي. عشرات البرمجيات الإلكترونية الذكيّة التي اقتنتها مصالح المعلوماتيّة لخوض معارك الثورة المضادة في وسائط التواصل الاجتماعية لم تأتي أُكلها. إرادة الشعب القويّة في التغيير الجذري و التعبئة الوطنية حول مشروع الانتقال السياسي نحو نظام جديد عبر آليات و ميكانزمات ثوريّة أزاحت كل المتاريس التي أقامها النظام لعرقلة المسيرة التاريخيّة.
الدوائر المنخرطة تاريخيا و تقليديا مع أجندات النظام كمنظمة المجاهدين و جمعية العلماء انتفضت و رفعت بدورها راية المرحلة الانتقاليّة في وجه قيادة أركان الجيش. و لم يبقى في خندق مساندة الدستور إلاّ رموز النظام الغارق في الفساد. فمن دون الأفلان و الأرندي و تاج و الأمبيا و من يدور في فلكهم من انتهازيين و متربّصين على ثروات و امتيازات الدولة السخيّة، لا صوت لمن تنادي يا رئيس أركان الجيش.
ملايين الحناجر التي ردّدت أمس للمرة الخامسة عشر شعارات الرحيل الجماعي لدعائم النظام يستحيل اسكاتها اليوم و شهر رمضان أوشك على الختام. و ما على أصحاب القرار إلّا الرضوخ لإرادة الشعب. الرهان على إيقاف السيل أو تحويل مساره بزرع النعرات الجهويّة و إحياء الخلافات الإديولوجيّة رهان فاشل و تصرّف خطير و غير مسؤول. هذه المناورات البلطجية قد تطيل من عمر الأزمة و قد تعطي ربّما مددا لسكرات موت النظام و لكنها لن توقف عجلة التاريخ و لن تبدل من سنّة الحياة. و المرحلة الانتقاليّة أصبحت حتميّة ثوريّة يراها الأعمى و البصير.
أبواب التاريخ لم توصد بعد في وجه رئيس الأركان إن أراد لنفسه مخرجا يليق بالمقام الذي يشغله. تمرير شعلة المسؤولية للإطارات الشابة في جيشنا الوطني الشعبي في هذه المرحلة التي تتطلب دما جديدا و نفسا متجدّدا سيحسب له و ليس عليه. إن الثورة الشعبيّة المباركة لم و لن تكون ضد الجيش الوطني الشعبي و المرحلة الانتقاليّة التي ينادي بها الشعب برمّته لن تكون مغامرة و لا مجازفة كما يراها المتشدّقون، ما دام الشعب و الجيش يرعاها و يحميها. و الإصرار على إحياء عظام نظام بائد و هي رميم ضرب من الجنون.
أمياس مدور