الفيل يطير

 مُنِعت مسيرة الحريات  لتفادي صورة الرايات و ارتفاع  صوت الشعارات . مُنعت كما مُنعت مسيرات الغاضبين الملاحقين . و فُتِحت القاعات أمام اجتماعات تضم قدماء المنتخبين و إطارات حزب جبهة التحرير. تمت دعوتهم للاستفادة من تجربتهم في التسيير . 

حدث وأن تم في وقت سابق جمع النواب في هيئة تدافع عن الديمقراطية (!)و كان أول جزائري ترأس  أشغال اول اجتماع لها، هو عبد العزيز بلخادم بصفته رئيس المجلس الشعبي الوطني . و مما  ذكره في كلمته آنذاك ،عن أهداف الهيئة هو الدفاع عن مكتسبات الشعب، و تكريس الممارسة الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و خدمة المصالح العليا للوطن .أي كل ما نجده في أدبيات الخطاب السياسي الذي يعد بالقمر ، ثم يلد أجنة مشوهة . و قد تم تنظيم ذلك الاجتماع في الأسبوع الأخير من شهر  ديسمبر عام 1990 ، بقاعة ابن خلدونأسفل جسر تليملي، بقلب العاصمة . و هو الجسر الذي أصبح  سنوات فيما بعد منصة لأقفال العهد و الود . ووضعت على شباكه المعدني  كل أنواع الكادنات، من الأصغر حجم من ” كادنة ” باب مجلس النواب إلى الأكبر حجم منه .

كان بلخادم  و هو يعد بغد أفضل في عقده الرابع ، ( عمر بوشارب رئيس المجلس الشعبي  ) . كان الرجل الثاني في الدولة ، و يمثل الجيل الجديد الذي به سيتم  ضخ دما جديدا لإعادة الحياة الى النظام . كان يقرأ نصا ردده  من سبقه و يردده اللاحقون .

العودة إلى الأرشيف تحيي الذاكرة ، و تمكن من الوقوف على التشابه الكبير ، الذي يصل أحيانا إلى حد التطابق ، بين الوقت الراهن و بين سنوات التسعينيات عندما يتعلقالموضوع  بوعود التغيير و التشبيب. أي الخطاب نفسه تقريبا الذي نسمعه منذ أشهر بمناسبات تجديد قيادات مدنية و عسكرية و حزبية من الموالاة . 

و لأسباب مجهولة لم نسمع شيئا عن تلك الهيئة إلى غاية أكتوبر 2018  .

كانت قضية 26مليار دولار ، و فضائح الغرفة التجارية ، و قائمة المستفيدين من الأراضي الفلاحية من أهل السلطة ، هي المواضيع التي شغلت اهتمام الرأي العام . كنا نظن أننا نغرق داخل الفساد . و فيما يشبه التطور الحتمي، وصلنا بعد مسيرة ربع قرن  إلى تحميل مسئولية اهتراء الطريق السيار شرق غرب إلى شاحنات الوزن الثقيل. و هو ما يوافق المنطق القائل بسلمية العقارب التي لا تلدغ الا دفاعا عن النفس.

قد نتساءل عن العلاقة بين منع المسيراتمع منع الشاحنات أو بين العقارب و نوعية الزفت أو انجاز الطريق ؟ بعض الجواب نجده في نكتة  ذلك التلميذ الذي قال لمعلمه بأن الفيل يطير . فلما سمع المعلم ذلك غضب و أراد معاقبة التلميذ . مسكه من احدى أذنيه و سأله من تكون، أجابه :”أنا ابن رئيس الدولة” . فصرخ المعلم” الفيل يطير، و أنا أطير و المدير يطير “.

و العبرة من القصة ، أن الراعي و الرعية جميعهم

يعيش داخل دائرة . فنحن نكرر و نعيد..

عبد الحكيم بلبطي

hakimbelbati@yahoo.fr

فارقنا هذا الأسبوع الزميل و الأخ الصحفي محمد شراق . رحمه الله و أنزله منزلة الطيبين .

 و داعا ” السيد استقامة”