الشعب أو الهاويّة : مساهمة الدكتور سعيد سعدي ( النص الكامل )

مساهمات الدكتور سعدي تقطر ،هذه الأيام التاريخيّة، على المواطنين كذرات المطر لتسقي الثورة الشعبيّة أفكارا جديدة و متجددّة، تسمح للشباب الجزائري بمواصلة مسيرته دون فقدان البوصلة.

وقد ذكّر الدكتور سعدي بتحذيراته السابقة من مغبة تفعيل المادة 102 و تأسّف لعدم السماع له في الوقت المناسب. و جمّل أصحاب القرار مرّة أخرى المسئولية التاريخية عن احتمال وضع الجزائر في خانة البلدان التي لا تملك دولة.

كما كشف عن نيّة السلطة على مواصلة خريطة طريقها الرامية للوصول إلى انسداد سياسي كي تبرّر إعلان حالة الطوارىء. و لكنّه حذّر أصحاب القرار أن الشعب الذي صنع ثورة من هذا النوع لن يسمح بنسخة حكم أقذر من الذي أعلن الطلاق منه، و أن ما تصبو إليه السلطة لا يليق بالجزائر التي ضحّى من أجلها الشهداء.

و عبّر الدكتور سعيد سعدي عن عدم وجود نية في الانسحاب من ميدان المقاومة رغم الحرب الشرسة التي يشنها ضده الذباب الإلكتروني و بعض وسائل الإعلام الماجورة، و رغم سياسة الترهيب التي تقودها السلطة بتسريب إشاعات مغرضة حول مصيره. و ذكّر أن السجون و التعذيب و التضييقات التي مارسوها ضده في وقت سابق ما زالت أساليب سارية المفعول و إن تمّ تغيير العرّابين. و كتحدّ نهائي لأصحاب القرار، جدّد الدكتور سعدي التزامه الشخصي من أجل جزائر ديمقراطية و اجتماعيّة و التغيير الجذري للنظام.

نبيلة براهم

 

الشعب أو الهاويّة

( انظر في الملحق: مقاومة )

 

شهرين من قبل، أنذرنا في هذا الفضاء عن المخاطر المحدّقة إن لم نقم بالتقييم الصحيح لخطورة الوضع و إن قلّلنا من شأن قوّة الإرادة في التغيير لدى الشعب. و كتبنا حينها أن اللجوء إلى تفعيل المادة 102 هو دواء أبشع من الداء

منذئذ، تمّ اتخاذ القرار القاتل و أصبح البلد عرضة لتواتر ارتجالات تبحث فيها التناقضات عن مبررات في إطار إغواء تسلطي ينمو كل يوم

إن كان صعبا إيجاد مبرّرات منطقية للرئاسيات المزمع تنظيمها رسميا يوم 04 جويلية و التي لم تنل انخراط أحد أو آمن بها أحد، فإنّه سهل جدّا ، للأسف، تخيّل تبعات هذا التعنّت

بإمكاننا أن نتصوّر قدرة قيادة الأركان التي ترعى هذه العمليّة على جمع التوقيعات الضروريّة للمصادقة على ترشيح ما من قبل مجلس دستوري بلا رئيس

نستطيع أيضا أن نتخيّل إمكانيّة فتح مكاتب اقتراع في ثكنات من أجل منح بعض الصور للإعلام الثقيل الذي رجع فجأة إلى البث الهزلي و السخيف في سنوات الحزب الواحد. جنود بزيّ مدني يتدافعون نحو الصناديق للقيام بالواجب الانتخابي و نتائج سوفياتية يتم إعلانها لاحقا. و ها هو رئيس سطحي مستعدّ لدخول التمثيليّة . أو هكذا يضنّون

هذا السيناريو الغريب يمكن تجسيده تقنيا

و يبقى واجب الإجابة على سؤالين: الأول أخلاقي و الثاني سياسي

هل تستحق الجزائر التي ضحّى من أجلها عبان، بن بولعيد، بن مهيدي و آخرون من أجل بناء أمّة ، مثل هذه الإهانة بعد سبعة و خمسين سنة من استقلال تمّ سلبه، قبل أن يتمّ استرجاعه بأعجوبة من قبل ثورة شعبيّة منيرة لم ينتظرها أحد  ؟

التساؤل الثاني الذي يفرض نفسه بنفسه. هل يقبل الشعب الجزائري الذي فجّر ثورة فريدة من نوعها في الحوليّات المعاصرة، بنسخة حكم أكثر قذارة من ذلك الذي طلّقه ؟

بالنظر للإرادة و العزم اللذان طبعا مظاهرات أول جمعة من رمضان بالرغم من الحرارة الشديدة، يصعب التكهن بذلك

إن تمّ تنظيمها تحديّا لكلّ منطق، فإنّ هذه الرئاسيات لن تحلّ شيئا. بل يكون شيئا فضيعا، حيث تضع الجيش قبالة شعب متضامن و متحّد. و في هذه الحالة، لن يكون هناك حزب أعلن رفض الحريّات الفرديّة و الجماعيّة و لا حركة تمرّد مسلّحة لتبرير إجراءات استثنائيّة

الاحتمال الآخر هو تأجيل الانتخابات. و في هذه الحالة، يجب، مرّة أخرى،  خرق الدستور الذي يرفعه دعاة الأمر الراهن كلّما أرادوا تبرير رفض الانتقال الديمقراطي الذي يطالب به الشعب منذ ثلاثة أشهر

إن الهاويّة الدستورية التي نقترب منها تصيب بالدوّار. يوم 09 جويلية، يجد البلد نفسه بلا رئيس دولة بما أن فترة الرئاسة المنتدبة تكون قد نفذت. الحكومة كهيئة افتراضية  تُسيّر بطرية خفيّة  و الموصوفة كحالة احتيال دستوري تصبح بلا واقع سياسي. البرلماني الغير شرعي الذي هاجره أعضاؤه أصبح خاويا على عروشه

و من هنا تصبح الجزائر في خانة الدوّل التي لا تملك دولة. إنّها مسئوليّة فضيعة أمام التاريخ

هذا الفراغ يفتح الأبواب لكل المغامرات، بما فيه اللّجوء لحالة الطوارئ. إنّ الأصوات التي تتخوّف من هذه الفرضية لا تتردّد في التأكيد على أنّ الانسداد السياسي الذي يتمّ التشبث به عنوة،  يراد منه الوصول إلى هذه الوضعية المشئومة. هل أخطئوا في ذلك ؟ .

إن الشعب قد فتح الطريق، بكل سخاء و صرامة و مسئوليّة،  لميلاد جزائر جديدة، أخويّة، مسامحة و تقدّميّة. الشروط العامّة للانتقال الديمقراطي مطروحة على الطاولة . إنّها شروط مجرّدة من أي تنازل للنظام القديم، و لكنّها هادئة في معالجتها للأمور و محرّرة بأهدافها. و ما زالت الفرصة  ممكنة للاستجابة لها

12 ماي 2019

سعيد سعدي

 

مقاومة

إنّ افتتاحيّة يوميّة المجاهد الحكوميّة لا شكّ فيها : الحكومة قرّرت تحييد كل من يعارض تنظيم الرئاسيات «. قبل هذا، و بعد مداخلاتي العلنيّة حول الوضعيّة التي تعيشها البلاد، و التي جنّدت الشعب الجزائري في الوحدة و العزّ و العزم من أجل تغيير النظام، كتبت مجلة المؤسسة العسكريّة « الجيش » مقالا و افتتاحيّة ذات نبرة حربيّة. هذه الأخيرة، سرعان ما أوّلتها بعض وسائل الإعلام القريبة من الدوائر العسكريّة كرسالة موجّهة لشخصي. بعد ذلك، تمّ حبس السيّدة لويزة حنون ، التي أجدّد لها هنا تأييدي الكامل، من قبل المحكمة العسكريّة. وقد جرت « إشاعات » حول اعتقالي عدة مرات. على صفحتي في الفايسبوك، بدأ « الذباب الإلكتروني »، و بإيعاز من مخابر خاصة، في بث رسائل ذات نزعة مافياويّة تروّج لخبر مفاده أن رئيس الأركان برمج اعتقالي

هذه التصرفات الغير مباشرة هي من ثقافة كل الأنظمة الشموليّة، و ليست هي المرّة الأولى التي تُستعمل ضدي أو ضدّ مناضلين آخرين

لندع جانبا المسامرات الغير مجديّة حول هذه التصرفات، و نتذكّر الأهم. في 2004، كنت اشرح أمام الصحافة أن حلّ البوليس السياسي شرط مسبّق لأيّ عمليّة تهدف لتحرير البلاد من قبضة الأوليغارشيا العسكريّة. تبع تصريحي حملة تلميحات شرسة و مضامين جارحة ، أعطت لها الصحافة المأمورة زخما إعلاميّا. أنشر هنا جوابي الذي بعثت به يومها لمسئول الاستخبارات

ها هيّ ألفاظ حديثي :

« في الجزائر، تلجأ السلطة إلى ثلاثة أساليب لدفع الفاعل السياسي نحو العدول عن مواقفه أو التلطيف منها

  1. المال.  خط سيرتي معروف والأعمال لم تجذبني. لم اختر هذه الوجهة
  2. فتنة السلطة. أصررتم بإلحاح، كلّ من جهة، على أن ألتحق شخصيا بالحكومة. رفضت قطعا، في انتظار رؤية ما إذا يتمّ تجسيد الوعود المأخوذة علنا حول إصلاح المدرسة و العدالة و الدولة. و لم يكن ذلك ما حصل
  3. القمع. حاولتم بالسجن و التعذيب و الفصل التعسفي من العمل و منع مغادرة التراب الوطني. و لم يبقى لكم غير الرصاصة في الرأس. و في هذا، لا تحتاجون لرأيي. خبرتكم في الموضوع متعارف عليها منذ زمن بعيد »

اليوم جاء عرّابون آخرون و لكن الممارسات بقيّت مثلما كانت. و لهذا أقول مجدّدا نفس الشيء حول هذا الموضوع لمن تفرحهم القرارات التعسفيّة و لأتباعهم

من أجل تغيير جذري للنظام

من أجل جزائر ديمقراطيّة و اجتماعيّة

النضال متواصل

12 ماي 2019

سعيد سعدي

 

ذباب :

إريك داربو : لقد قرّر ڨايد صالح سجنكم في غضون ثمانيّة أيّام …. ستسير بخطاك الزوافيّة على سلالم المحكمة العسكريّة للبليدة. …. و هناك، ستتذكّر الخمسة و العشرين سنة من المحرقة التي كبّدتها ، أنت و توفيق، لشعب نيّة و بريء …. لن تكون أبدا جزءا من الجزائر السياديّة … قبل أن أنسى، إنّك في نفس حال محمد لعماري، حداد، موح فليشة و غيريهم …. انحراف تاريخي … .