الإرسيدي يطالب برحيل النظام و تشكيل حكومة انقاذ وطني تعمل من أجل إسترجاع السيادة الشعبية

غداة المسيرات التاريخية للشعب الجزائري ضد النظام و العهدة الخامسة التي عرفتها البلاد يوم أمس الجمعة، أصدر الإرسيدي بيانا شديد اللهجة ضد النظام يعطي خطة طريق تضمن للجزائر تغيير جذري للنظام. و يلخّصها في ثلاثة نقاط هامة : مباشرة حوار وطني تديره لجنة عقلاء يفضي إلى إجراء انتخابات نزيهة و شفافة، رحيل بوتفليقة و حكومته، و تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعمل على إرجاع السيادة الوطنية للشعب.

و أكّد الارسيدي في بيانه  أن ” استقالة رئيس الدولة و حكومته هي أدنى ما تتطلبه الوضعية الراهنة ، و هي آخر مخرج يتيحه التاريخ “. 

و أوضح الإرسيدي انّ ” الوقت غير مناسب للإنتخابات و لكن للقيام بحوصلة للكارثة التي قد تبتلع الجزائر. المستعجل هو إيجاد سبل كفيلة بتعقيم الساحة السياسية. و بعد وضع تحديد ميكانزمات تحقيق السيادة الشعبية و التوافق عليها، تدخل مرحلة المنافسة الانتخابية كتحصيل حاصل”.

 و دعا حزب الإرسيدي إلى ” بعث حوار وطني، تديره لجنة عقلاء، يفضي في أقرب وقت إلى إجراء انتخابات عامة نزيهة و شفافة تمنح الجزائر مؤسسات مشروعة” . و يضيف البيان أن” هذا العمل يتطلب أولا رحيل الحكومة الحالية و تشكيل حكومة إنقاذ وطني تسهر على إجراءات عملية تقود البلاد إلى العودة للشرعية الشعبية”.

نبيلة براهم

النص الكامل للبيــان

لقد بيّنت المظاهرات التي جرت في 22 فيفري 2019 عبر العديد من مدن الوطن ولاسيما في العاصمة، بشكل جلي رفض المهزلة الانتخابية المقررة في 18 أفريل 2019. وأكثر من ذلك، أظهرت من خلال حجمها وشعاراتها رفض المواطنين لبقاء النظام السياسي الذي صادر للشعب الجزائري، منذ اليوم الأول من الاستقلال، سيادته وحقه في اختيار مؤسساته ومنتخبيه.
إن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي حذر ويحذر مرة أخرى من مغبة استخدام العنف لقمع الاحتجاجات السلمية والمشروعة، يشيد بجماهير الشعب التي تظاهرت بطريقة سلمية وفي الهدوء للتعبير عن مقتهم لنظام الحقرة والتعتيم والفساد. ويرى التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن هناك حاجة ملحة لفتح مخرج يعيد الأمل ويجنّد البلد من أجل بديل ديمقراطي وسلمي.
يجب على أنصار ترشح بوتفليقة أو ترشيح بديل آخر للحفاظ على نظام قمعي أن يستخلصوا العبرة الوحيدة التي جاء بها استفتاء 22 فيفري، ألا وهي نهاية النظام الذي ظل جاثماً منذ 1962. لقد برهنت الشبيبة، التي نال منها اليأس وأرغمها على الحرقة، والتي كانت طليعة ووقود هذه المظاهرات التاريخية، على عزيمتها وتصميمها الكامل على فرض التغيير، ولقنت في الوقت نفسه بهدوئهم، درسا في التحضر والأخوة. فهي عازمة على تقرير مصيرها بنفسها لكي تعيش حرة ومكرّمة في بلدها. بعد كل ما تعلمته من تضحياتها المصادرة في 1988، ومن المصير الذي لقيه الرئيس بوضياف الذي أعاد لها الأمل، سوف لن تسمح هذه المرة بأن يسرق كفاحها انتهازيون يريدون اختزال انتفاضتهم في رفض عهدة خامسة لاشك أنها مهينة ومشينة وهي أصلا فكرة بالية، لكنها ليست سوى الوجه الظاهر من الجليد الذي يهدد الأمة.
على الرغم من التجاوزات وكثرة الاستفزازات، لم تسجل أي ضحية بفضل نضج المتظاهرين. ولا يزال من الممكن تجنب الأسوأ. بإمكان أولئك الذين أسسوا سلطتهم على الغطرسة والتعسف أن يتداركوا الموقف. إن استقالة رئيس الدولة وحكومته هما الحد الأدنى الذي يفرضه الوضع وهو آخر مخرج يتيحه لهما التاريخ. الوقت ليس للتصويت ، ولكن سجل الكارثة التي يمكن أن تبتلع الجزائر.
إن الأولوية الآن ليست للانتخاب وإنما للاحتساب للنكبة التي يمكن أن تدمّر الجزائر. والوضع يفرض علينا بإلحاح البحث عن أفضل السبل لتطهير الساحة السياسية بكل تمعن وتبصر. وبعد تحديد قواعد وآليات استرجاع سيادة المواطنة والمصادقة عليها، سيأتي وقت المنافسات الانتخابية تلقائيا. نأخذ المثل من جيراننا الشرقيين، الذين واجهوا الانهيار المفاجئ لحكم استبدادي غاشم، لكنه استطاع أن يستمد طاقته من ذخيرته الوطنية التي هي نقيض التسرع والانتهازية، وذلك بإجراء مراجعة وطنية شاملة وهادئة قبل الإعلان عن الانطلاقة الجديدة.
ومن هذا المنطلق يدعو التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى حوار تشرف عليه لجنة من الحكماء لتنظيم فترة انتقالية ينبغي أن تفضي، في أقرب وقت ممكن، إلى تنظيم انتخابات عامة نزيهة وشفافة نخرجة منها مؤسسات تملك الشرعية والمصداقية. وهذا يفرض قبل كل شيء رحيل هذه الحكومة وتشكيل حكومة خلاص وطني يشرع في تطبيق الإجراءات التي يجب أن تعيد البلد إلى السيادة الشعبية.

الجزائر في 23 فيفري 2019
التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية