تصدر منسق حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، فتحي غراس مواقع التواصل الإجتماعي في الجزائر إثر إعتقاله مساء الأربعاء من مقر سكنه بالعاصمة ، و تضاعفت موجات الإستياء و الغضب بعد صدور قرار بالحبس المؤقت في حقه من طرف قاضي التحقيق بمحكمة باينام أمس الخميس ، حيث عبر النشطاء عن تضامنهم اللامشروط مع غراس و حرمه المناضلة التي وقفت بجانب زوجها المنحاز الى صف الشعب منذ إنتفاضة فيفري 2019 المسمات بثورة الإبتسامة ، و المستمرة بالمطالبة بتغيير جذري للمنظومة الحالية، حيث رفع المتضاهرون اليوم لافتات و صور لفتحي غراس تعبر عن تظامنهم مع الأمدياس و تطالب بإطلاق سراحه
إتفق النشطاء بمختلف توجهاتهم الإديولوحية أن حبس فتحي غراس التعسفي هو تجريم صريح لجميع أشكال المعارضة في البلاد ، كما أنها رسالة واضحة من النظام لكل من يسير في نهجه ، و كتب أحدهم “تتفق او تختلف مع فتحي غراس، اليوم هو مسجون من أجل آرائه السياسية، إن التهم الموجهة له هي تهم يسهل تكييفها لكل من له رأي” ليضيف “إذن الكل معني بالأمر ولا أحد مستثنى من آلة القمع “.
و ذهب آخرون الى التأكيد بأن حبس غراس كان بسبب مواقفه المعارضة و تبنيه القطيعة مع النظام و لأنه فتح مقر الأمدياس أمام النشطاء و المحامين ليعقدوا بصفة دورية ندوات صحافية تكشف الواقع المتدهور للحريات وحقوق الإنسان ، و هو ما تؤكده شهادة المحامي عبدالغاني بادي في منشور دونه على صفحته ، إذ قال : “فتحي غراس منسق الحركة الديمراطية الاجتماعية MDS يعتقل من بيته بعد تفتيشه ، فتحي غراس بقي ثابتا على مبادىء الحراك ضد الغطرسة والاستبداد بذهن قوي و كلمة شجاعة صادقة ، فتحي غراس وضع مقر الحركة بين يدي كل مناضل من أجل الحريات والديمقراطية ولكل من يلجأ إليه من المقموعين والمضطهدين وبدون أي إستثناء ” ليختم ب”الحرية للرفيق”.
يذكر أن منسق حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية المعارض ، فتحي غراس، متابع بخمس تهم بحسب ما أفادت به زوجته التي ذكرت في صفحتها أن التهم هي جنح “عرض على أنظار الجمهور منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية” و”نشر منشورات من شأنها المساس بالوحدة الوطنية” و”نشر منشورات من شأنها الإضرار بالنظام العام” و”إهانة هيئة نظامية” و”إهانة رئيس الجمهورية”. وعلقت عن حبس زوجها معتبرة أنه “تجريم العمل السياسي في الجزائر الجديدة”.
و شملت موجة التضامن العديد من الشخصيات البارزة و الأحزاب و المنظمات الحقوقية التي عبرت عن مخاوفها من التهديد المستمر للحريات السياسية في البلاد، فقد تساءلت الحقوقية زبيدة عسول :” مع اعتقال فتحي غراس “المناضل و الرجل السياسي” ، ” هل بقي معنى أو محتوى للديموقراطية و حرية الرأي و التعددية السياسية؟”،
وأدانت جبهة القوى الاشتراكية ، في بيان لها سجن منسق الحزب المنتمي للتيار اليساري، ووصفت ذلك بـ”الممارسات التي من شأنها أن تسلب الحريات وتهضم الحقوق المدنية والسياسية للجزائريين”. و اعتبرت بأن “إيداع فتحي غراس الأمين العام للحركة الديمقراطية والاجتماعية الحبس المؤقت، هو إصرار على تجريم العمل السياسي، ومن شأنه أن يعيدنا إلى عهد الأحادية السياسية”. وذكر بيان الأفافاس بأن “الإنكار الغريب للطابع السياسي للأزمة، يعد إصرارا على تكرار سيناريوهات الماضي التي فوتت على البلد أكثر من فرصة للتغيير”، كما طالب بإطلاق سراح معتقلي الرأي،
بدوره ، حزب العمال عبر في بيان للأمانة الدائمة لمكتبه السياسي عن تضامنه المطلق مع حزب الأمدياس، بعد سجن منسقه فتحي غراس “بتهم علنية وحصرية تتعلق بنشاطه السياسي وتعبيره” ، ووحيد بن عبد الله القيادي في الحزب المسجون هو الآخر “لأسباب سياسية غامضة بقدر ما هي غير واقعية”. كما اعتبر البيان أن “اعتقال وسجن غراس “يشكلان انحرافًا شديد الخطورة لأنه يجسد هجومًا غير مسبوق منذ ماي 2019 ضد النظام التعددي في مجال تجريم /تقنين / شيطنة العمل السياسي المستقل وممارسة الحريات الديمقراطية”، و طالب حزب العمال بالإفراج الغير المشروط عنه وعن وحيد بن الله و كذا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين وأسرى الرأي وباحترام الحريات الأساسية بإعتبارهما مطلبا ديموقراطيا.
كما سبق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن نددت “بحبس رئيس حزب بسبب أرائه”، وطالبت “بوقف القمع وإطلاق سراح كل سجناء الرأي”.
و بغير المتوقع، رئيس حركة مجتمع السلم ، عبدالرزاق مقري،صنع الحدث و الإستثناء بتغريدة على حسابه الخاص في تويتر، ليفاجيء المتابعين بموقفه المتضامن مع المعارض فتحي غراس ، حيث كتب بأن “الحريات لا تتجزأ والخلاف الأيديولوجي أو السياسي لا يمكن أن يكون عاملا للكيل بمكيالين، ولذلك فإن حمس تندد بسجن فتحي غراس وتدعو لإطلاق سراحه”.
و يرى المتابعون أن موقف حمس المتزامن مع قرارها بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة المنتظرة هي محاولة للتخندق في صفوف المعارضة، بعد تأكدها من أن السلطة لا تريد لها مشاركة فعلية في الحكم .
اما حزب التجمع من أجل الثقافة الديموقراطية فقد كان سباق بإدانة إعتقال أبرز نشطاء الحراك و المعارض فتحي غراس ، حيث إعتبر محسن بلعباس أن هذا الاعتقال بمثابة تجريم للعمل السياسي و كتب في صفحته على الفايسبوك فور إعتقاله بأن “السلطة، ومن خلال الاعتقال الاستعراضي لفتحي غراس، المسؤول الأول في الحركة الديمقراطية والاجتماعية -وهو حزب سياسي معتمد- تقرّ صراحة بتجريم القوى السياسية المعارضة” و أضاف “إن هذا الاعتقال الجديد يدعونا للتحرك” وتساءل: هل سنظل راضين بهذا الوضع ونستسلم؟ ليؤكد أن البلاد لا تزال “منذ أشهر معطلة في جميع مناحي الحياة”، و أن “القطاع الوحيد الذي ينشط هو المحاكم التي تعمل بكامل طاقتها منفذة سياسة سيف دموقليس التي تنتهجها سلطة الأمر الواقع”.
و سبق لمحسن بلعباس ان ندد بالقمع السياسي الذي طال العديد من الفاعلين السياسيين و النشطاء و حتى المواطنيين البسطاء عقب إعتقال القيادي السابق في الأرسدي، نورالدين أيت حمودة و الذي إعتبره أيضا “انحراف جديد” يضاف إلى قمع منظم باسم الدولة و قد حذر من “سياسة الرعب هذه” وقال أنها “تزيد من مخاطر تفكيك البلاد”.
كما إستخلص بلعباس حينها أن “القمع السياسي عرف كل الاشكال في بضعة أشهر باستثناء الاغتيالات” ، و قال أنه “أصبح منهجيًا ولم يعد يستثني أي فئة اجتماعية. كما أكد محسن بلعباس أن تسخير العدالة لحل أحزاب سياسية وجمعيات، تلفيق تهم، سجن، تعذيب، عنف بوليسي، اعتقالات تعسفية، تكثيف المراقبة من قبل الأجهزة الأمنية… أصبحت تحتل صدارة الأخبار في البلد”
مهني عبدالمجيد