فقدت الجزائر في غضون أسبوعين أزيد من 50 مواطنا غرقوا في البحر و هم هاربون من وطن لم يعطيهم حق المواطنة و العزة و الكرامة. و هذه الحقوق من واجبات الحكومة رعايتها و حمايتها. و الرقم يخصّ فقط ما تمّ تداوله إعلاميا، و المستور أعظم.
بكى الشعب حرقة على شبابه في الأحياء و المداشر و ما زال، و أمطر الجزائريون تعاليق الغضب و الحزن في صفحاتهم الفايسبوكية. و عبّر الكل عن ألمه إلا الحكومة. فهذه الكارثة الإجتماعية بالنسبة لهم “لا حدث”. بل ربما مصدر إزعاج لهم و هم في كامل تركيزهم حول كيفيات إنقاذ نظامهم و إحياء رئيسهم.
في بلدان تحترم مواطنيها و تتعايش مع محنهم، تنكّس الأعلام الوطنية و يعلن الحداد الوطني و تعلن حالة الطوارئ القصوى لإجتثاث الظاهرة و ايقاف النزيف. و لكن في السراي الحكومي، أجندة أعظم و أولويات أكبر .
إننا في حسرة من أمرنا كشعب و هم في حيرة من أمرهم كحكومة. نحن نبحث عن سبل إغلاق طرق الموت و هم في صدد بحث مفاتيح لفتح أبواب “السينا” لريع النظام و توسيع أبواب النهب لجماعة الشكارة. فلا إجتماع طارئ و لا كلمة تعاطف مع العائلات و لا مخطط استعجالي. كأن الموتى وصلوا الضفاف الأخرى و أخذوا جنسيات أخرى.
كارثة البحر أعطت الدليل أن جزائر الحكومة غارقة في البحث عن مخططات جهنميّة لإنقاذ نظام الريع . أمّا جزائر الشعب فهي في وحل البحث عن سبل إنقاذ أولادها من الغرق في البحر . فبين جزائر هؤلاء و جزائر هؤلاء برزخ لا يبغيان.
أمياس مدور